"خيار غير مستبعد".. كيف سيكون أي تدخل عسكري ضد انقلابيي النيجر؟

رغم إصرار المجتمع الدولي وجيران النيجر، بمن فيهم دول من مجموعة "إيكواس" على ضرورة معالجة الأزمة التي خلفها الانقلاب على الشرعية في النيجر، بحلول سلمية، إلا أن الخيار العسكري، لا يزال مطروحا، وفق ما أكدته مرارا دول مجموعة دول غرب أفريقيا. 

وبينما هددت بوركينافاسو ومالي بمساندة الانقلابيين في النيجر في حال أي هجوم عسكري ضدهم، أكد قادة دول "إيكواس" أنهم متمسكون بالحلول السلمية لكنهم لا يستبعدون اللجوء إلى الخيار العسكري.

وقررت "إيكواس" في قمتها الاستثنائية في أبوجا، الخميس، نشر "القوة الاحتياطية" التابعة للمنظمة، حيث ستساهم ساحل العاج بـ"كتيبة" من 850 إلى 1100 عنصر، إلى جانب نيجيريا وبنين خصوصا، إلى جانب دول أخرى ستشارك أيضا في قوة التدخل تلك.

في غضون ذلك، هدد انقلابيو النيجر، بقتل الرئيس المحتجز، محمد بازوم، إذا ما همت دول غرب أفريقيا بالهجوم عليهم لإعادته بالقوة.

والسبت، كتب وزير خارجية النيجر، حسومي مسعودو، على منصة "إكس" (تويتر سابقا) أن "الخيار العسكري الذي تدرسه إكواس جديا ليس حربا على النيجر وشعبها، بل عملية أمنية ضد من يحتجز الرهائن وشركائه".

فكيف ستكون طبيعة هذا التدخل العسكري إن حصل؟ هل ستستخدم "إيكواس" قوتها البرية، أم تلجأ لقصف قيادة الجيش النيجيري؟ أم تكتفي بحصار بري بالموازاة مع الحصار الاقتصادي الذي أقرته قبل أيام؟

لم تحدد "إكواس" في قمتها في أبوجا أي جدول زمني لبدء تدخلها العسكري المحتمل، لا سيما بعد نهاية المهلة التي أعطتها للانقلابيين للعدول عن حركتهم ضد الشرعية، رغم إصرارها على أن الخيار العسكري "وارد جدا".

وكان من المقرر أن يلتقي قادة أركان جيوش دول إيكواس في العاصمة الغانية أكرا، السبت، من أجل تقديم المشورة لقادة المنظمة بشأن "أفضل الخيارات" فيما يتعلق بقرارهم تفعيل ونشر "قوتها الاحتياطية". 

لكن بحسب مصادر عسكرية إقليمية، تم تأجيل الاجتماع "لأسباب فنية" من دون الكشف عن موعد جديد، تؤكد وكالة فرانس برس.

لذلك، يستعبد المحلل العسكري في معهد هدسون، في واشنطن، ريتشارد وايتز، أن تلجأ "إيكواس" إلى تحريك قوتها العسكرية "في القريب".

وفي حديث لموقع الحرة، شدد الرجل على أن عدم تسرع المجموعة المناوئة للانقلابيين، "راجع لخوفها على حياة وسلامة الرئيس بازوم وعائلته" بعد تهديد الانقلابيين بقتله ردا على أي تدخل عسكري ضدهم.

وتتزايد المخاوف حول صحة بازوم وكذلك زوجته وابنه البالغ 20 عاما منذ أن استولى الجيش على السلطة واحتجزهم في 26 يوليو. 

وأعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، أن القادة العسكريين في النيجر رفضوا الإفراج عن أسرة الرئيس المحتجز في اقتراح لإعطاء بادرة حسن نية.

التحرك برا

بخصوص قرار "إيكواس" نشر قوتها الاحتياطية "قريبا"، يقول وايتز، إنه يدخل في سياسة دعم موقفها في المفاوضات مع الانقلابيين.

"يريد قادة إيكواس أن يؤكدوا أنهم يتحدثون من منطلق قوة، وليس تهديدا فقط، خصوصا وأنهم مدعومون من فرنسا والولايات المتحدة" ثم استدرك "طبعا دعم واشنطن وباريس لن يكون مباشرا أو عسكريا".

ثم تابع "ستدعم الدول الغربية "إيكواس" بالمعلومات ولا سيما فرنسا التي تعرف المنطقة جيدا".

أما عن طبيعة التدخل العسكري الذي تنوي "إيكواس" اللجوء إليه في حال فشلت المفاوضات مع القادة الانقلابيين في النيجر، فيؤكد الرجل أنه سيكون عن طريق البر.

يقول"لدى إيكواس قوة عسكرية معتبرة، وأغلبها مدربة على الحروب الميدانية البرية.. أعتقد أن الخيار الأول سيكون الدخول برا".

القصف الجوي

في حال تعثرت جهودهم برا، يضيف وايتز، سيلجؤون إلى ضرب مواقع قيادات الانقلاب عن طريق القصف الجوي، بالطائرات العسكرية.

"هنا تدخل فرنسا بقوتها الاستخباراتية، حيث بإمكانها أن تدعمهم بجميع المواقع الحساسة بالنسبة لقيادات الانقلاب، وتجنب قصف أماكن مدنية".

أما المحلل العسكري الجزائري، أكرم خريف، فيرى أن أبرز الحلول التي أمام "إيكواس" هي الحصار، ثم الدخول إلى العاصمة نيامي.

ويلفت خريف، الذي يدير موقع "مينا ديفنس" أن العاصمة النيجرية، نيامي، قريبة جدا من الحدود مع نيجيريا، الدولة الأبرز والأقوى في "إيكواس"، بالتالي يمكن أن تكون هدفا "سهلا".

حصار نيامي

في اتصال مع موقع الحرة، أشار خريف أيضا إلى أن تعداد الجيش النيجري، الذي لا يتعدى 15 أو 20 ألف جندي، والمنتشر في كامل البلاد، لا يمكنه مواجهة قوة "إيكواس" إذا هي قررت الدخول إلى العاصمة.

وقال "نيامي الآن، هي الهدف، وإذا قررت إيكواس الدخول ستتجه نحوها مباشرة، وتحاصر القصر الرئاسي، لأجل إعادة بازوم" ثم تابع "لذلك أرى أن سيناريو دخول نيامي برا هو الأقرب".

وإذ يؤكد على أن نيامي ستكون هدف "إيكواس" الأساسي والنقطة التي يمكن أن تنطلق منها عملية تحرير الرئيس، يلفت إلى أن المناطق الأخرى بها قواعد عسكرية أميركية وفرنسية، لذلك، هي محصنة أصلا.

يخلص خريف بالقول "رغم أن الخيار العسكري ليس واردا بشكل قطعي الآن، إلا أن الحصار ثم المداهمة، هي طريقة إيكواس المرتقبة لإعادة بازوم".

المفاوضات

خريف عاد بعدها ليؤكد أن المفاوضات ستؤدي بالنهاية لإعادة بازوم، في نظره، لأن المجتمع الدولي يريد العودة إلى الشرعية بأقل ثمن ممكن، وهو ما اتفقت عليه الولايات المتحدة، والجزائر، وفقه.

الجزائر هي أكبر جيران النيجر من حيث القوة العسكرية ولها حدود شاسعة معه، وقد أظهرت رفضها للتدخل العسكري، لما قد يعود عليها من تبعات.

لذلك، يرى خريف أنها ستلعب دورا أساسيا في المفاوضات لإعادة بازوم، لكنه قال إن ذلك سيكون وفق شروط يطرحها كل جانب، أبرزها "إخراج فرنسا من المنطقة".

والأربعاء الماضي، استقبل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، نظيره الجزائري، أحمد عطاف، وكان ملف منطقة الساحل، التي تضم النيجر، على طاولة المباحثات بينهما.

ويرفع الانقلابيون شعار "إخراج فرنسا" من البلاد لاستعطاف الشعب، وهو السر وراء التفاف المواطنين على المجلس السعكري الذي أخذ السلطة عنوة.

وكان آلاف من أنصار الانقلابيين في النيجر تجمعوا، الجمعة، قرب القاعدة العسكرية الفرنسية في العاصمة نيامي.

وهتف المتظاهرون خلال التجمّع "فلتسقط فرنسا، فلتسقط إيكواس". 

والخميس، دعا، بلينكن إلى حل سلمي للأزمة في النيجر، وقال إن "الولايات المتحدة تقدّر تصميم إيكواس على استكشاف كافة الخيارات من أجل حل سلمي للأزمة".