واشنطن تستعد لشراكة استراتيجية مع "عدو قديم" لمواجهة بكين

تستعد الولايات المتحدة لإبرام اتفاقية شراكة استراتيجية مع فيتنام خلال زيارة مرتقبة للرئيس جو بايدن إلى هانوي، في سبتمر المقبل، ضمن مساعي واشنطن لمواجهة نفوذ الصين في المنطقة.

ونقلت مجلة "بوليتيكو" الأميركية عن 3 أشخاص وصفتهم بأنهم مطلعين على الخطة، قولهم إنه سيتم التوقيع على الاتفاق خلال زيارة بايدن إلى فيتنام، منتصف سبتمبر المقبل.

وكان مصدر مطلع قال لوكالة "رويترز" للأنباء، الجمعة، إن بايدن يدرس زيارة فيتنام لمناقشة اتفاق شراكة مع البلد الذي خاضت معه الولايات المتحدة حرباً مريرة وخسرت فيها واشنطن أكثر من 58 ألف جندي.

ويسمح الاتفاق بتعاون ثنائي جديد يعزز من جهود فيتنام في تطوير قطاع التكنولوجيا المتقدمة في مجالات تشمل إنتاج الرقائق الإلكترونية والذكاء الاصطناعي.

ولم يرد البيت الأبيض ولا السفارة الفيتنامية في واشنطن على طلبات التعليق، بحسب "بوليتيكو".

ويضاف الاتفاق المرتقب إلى سلسلة مبادرات إدارة بايدن الدبلوماسية التي تهدف إلى تعزيز نفوذ الولايات المتحدة في آسيا، لمواجهة نمو القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية للصين في المنطقة.

وكان آخر تلك المبادرات القمة الثلاثية "التاريخية" التي عقدت بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان في منتجع كامب ديفيد، الجمعة، بهدف معالجة التهديدات الإقليمية للصين وكوريا الشمالية.

توتر بين هانوي وبكين

يتزامن الاتفاق المرتقب مع فيتنام مع تصاعد التوتر بين هانوي وبكين بشأن النزاعات الإقليمية المستمرة في بحر الصين الجنوبي.

وتتداخل مطالب الصين بالسيادة التاريخية في بحر الصين الجنوبي مع المناطق الاقتصادية الخالصة للفلبين وفيتنام وماليزيا وبروناي وإندونيسيا.

وأظهرت صور جوية، نشرتها وكالة "أسوشيتد برس" في وقت سابق هذا الأسبوع، أن الصين بدأت مطلع أغسطس الجاري، بناء مهبط طائرات في جزيرة تريتون، المتنازع عليها بين فيتنام والصين.

وتريتون هي إحدى الجزر الرئيسة في مجموعة باراسيل التي تقع على مسافة متساوية تقريباً من ساحل فيتنام وإقليم هاينان الصيني الموجود على جزيرة.

وفي مايو الماضي، أرسلت الصين مركب مسح وعدة سفن تابعة لخفر السواحل وقوارب صيد إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة لفيتنام في بحر الصين الجنوبي، ما دفع الخارجية الفيتنامية لإصدار أوامر لها بالمغادرة فوراً، وغادرت المراكب أخيراً مطلع يونيو.

و بعد أسابيع من احتجاج هانوي على إبحار سفن صينية في مياهها،  أرسلت الولايات المتحدة حاملة الطائرات "يو إس إس رونالد ريجان" إلى مدينة دانانج الفيتنامية.

وكانت الزيارة هي الثالثة لحاملة طائرات أميركية إلى فيتنام بعد رسو "يو إس إس كارل فينسن" عام 2018 والتي كانت الأولى من نوعها منذ انتهاء حرب فيتنام.

هل تتخلى فيتنام عن الصين؟

الاتفاق الجديد الذي يرتقب أن يوقع خلال زيارة بايدن، يأتي في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة مساعيها لتعزيز العلاقات التجارية مع فيتنام ومواصلة تقاربهما على خلفية المخاوف تجاه زيادة نفوذ الصين في المنطقة.

ويمثل الاتفاق ترقية في العلاقات بين البلدين من شراكة شاملة إلى "استراتيجية"، إذ تؤطر العلاقات بين البلدين حالياً اتفاق الشراكة الشاملة الذي وقعه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عام 2013 والذي عزز التعاون الثنائي في مجالات تشمل الصحة العامة وتقديم المساعدات لخفر السواحل في فيتنام والتعاون في عمليات مكافحة الجريمة عبر الحدود.

وأصبحت الولايات المتحدة حالياً ثاني شريك تجاري لهانوي بعد الصين التي تشترك معها في حدود يبلغ طولها حوالي 1300 كيلومتر.

غير أن الاتفاق لا يشير بالضرورة إلى أن فيتنام ستبتعد عن جارتها العملاقة الصين لصالح تعزيز العلاقات مع واشنطن، بحسب "بوليتيكو".

ونقلت المجلة عن نائب الأمين المساعد الرئيسي السابق لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ في وزارة الخارجية الأميركية، سكوت مارسيل، قوله إن "فيتنام لا تتحالف مع الولايات المتحدة ضد الصين.. هم سعداء بتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، ولكن هذا لا يعني أنهم يتحركون ضد الصين. بل سيواصلون توازنهم بعناية".

وتسعى فيتنام إلى علاقات أقوى مع الولايات المتحدة كوسيلة للحماية مما تراه عدواناً صينيا لكنها تبقي في الوقت نفسه على علاقات تجارية وثيقة مع بكين، وعلى تعاون وثيق مع روسيا في مجال التعاون الدفاعي والطاقة.