هل تقترب الأرض من حالة سخونة غير صالحة للعيش؟
تعيش اليونان مخاوف اندلاع حرائق جديدة في أجزاء عديدة من البلاد مع اشتداد الرياح واندلاع عشرات الحرائق خلال نهاية الأسبوع، تسببت بإخلاء آلاف السكان.
أصدرت السلطات اليونانية تحذيرات في مناطق عدة جنوب البلاد، شملت محيط العاصمة أثينا التي شهدت ارتفاعاً حاداً في درجات الحراراة خلال الصيف.
ومن المتوقع أن تصل درجات الحرارة هذا الأسبوع في العاصمة أثينا من 40 درجة مئوية.
وتشهد المنطقة القريبة من مرفأ مدينة ألكساندروبولي على الحدود الجنوبية الشرقية مع تركيا، أكثر الحرائق سوءاً مقارنة مع المناطق الأخرى.
وأصدر جهاز مكافحة الحرائق بيانا قال فيه إن الحرائق اندلعت لعدة أيام، وإن السلطات أخلت 13 حياً "من أجل سلامة السكان".
كما أرسلت كل من فرنسا وقبرص ورومانيا تعزيزات لمساعدة عمال الإطفاء اليونانيين. ويرجح مقتل شخص واحد حتى الآن نتيجة الحرائق الأخيرة.
ووفق ما ذكرت وسائل الإعلام، لقى رجل في الثمانين من عمره حتفه أثناء محاولة إنقاذ خرافه من الحرائق شمال أثينا.
عامل تغير المناخ: ارتفاع درجات الحرارة وتوسع رقعة الحرائق
حوادث حرائق الغابات أمر شائع في اليونان، لكن العلماء ربطوا بين تزايد وتيرتها بالإصافة إلى الظروف المناخية الشديدة، وبين تغير المناخ.
ولم تقتصر حرائق الغابات على اليونان هذا العام، بل شهدت دول أوروبية أخرى مثل كرواتيا والبرتغال وجزيرة كورسيكا الفرنسية كذلك حرائق في غاباتها هذا الصيف.
وتشهد كندا أسوأ موسم حرائق غابات على الإطلاق.
وقال فريق من علماء المناخ إن موجة الحر الشديدة هذا الشهر في جنوب أوروبا وأمريكا الشمالية والصين كانت مستحيلة فعلياً بدون تغير المناخ الناتج عن فعل الإنسان.
وشهدت دول البحر المتوسط، ومن بينها إسبانيا وإيطاليا، موجة حر شديدة هذا الصيف.
ويزيد التغير المناخي من خطر ارتفاع درجات الحرارة والمناخ الجاف. وقد ينتج عن هذه العوامل المزيد من حرائق الغابات.
وارتفعت درجة حرارة الكرة الأرضية بنسبة 1.1 درجة مئوية تقريباً منذ بداية الحقبة الصناعية.
ومن المرجح أن تستمر درجات حرارة الأرض بالارتفاع الارتفاع، ما لم تقم حكومات العالم بجهود لخفض انبعاثات الكربون إلى حد كبير.
وقال الاتحاد الأوروبي أيضاً إنه يريد توقيع عقود شراء لما يصل إلى 12 طائرة إطفاء من أجل تحسين قدرته على مكافحة الحرائق التي يغذيها تغير المناخ. وستكون هذه هي المرة الأولى التي يمتلك فيها الاتحاد الأوروبي مثل هذه الطائرات.
وقال خبراء إن أوروبا على وجه الخصوص ترتفع درجة حرارتها بشكل أسرع مما توقعته العديد من النماذج المناخية.
الحلول والتوصيات للحد من الحرائق
ويثير الرابط بين حرائق الغابات وتغير المناخ بشكل الخاص المخاوف، لأنها تتفاقم بشكل متبادل: فمع توسع رقعة الحرائق وتزايد الانبعاثات، قد تتحول المناظر الطبيعية إلى صناديق بارود.
من المؤكد أن الحد من الانبعاثات وتحسين إدارة استخدام الأراضي يشكل أهمية بالغة لتجنب أسوأ سيناريوهات القرن الحادي والعشرين، بما في ذلك حرائق الغابات. ولكن وإن تحقق ذلك إلى حد كبير، فهو لن يزيل خطر الحرائق.
ويتوافق العلماء على أن ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، وارتفاع درجة حرارة المحيطات، بدأ بالفعل في إحداث اضطراب بأنظمة المناخ والطقس البشرية.
وأوصى العلماء بضرورة خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45 في المئة من مستويات عام 2010 بحلول عام 2030، إذا كنا جادّين في كبح جماح الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية وتفادي تبعات الوصول إلى مراحل خطيرة من تغيّر المناخ.
لكن الأمم المتحدة تحذر من أن معدل الانبعاثات مرشّح للزيادة بنحو 11 في المئة بحلول عام 2030، ما لم تتخذ الحكومات مسارات مغايرة.
وفي تقرير يرصد حالة المناخ في أوروبا، قالت المنظمة العالمية للأرصاد إن درجات الحرارة في القارة العجوز قد زادت خلال الفترة بين عامي 1991 و2021 بمعدل نصف درجة مئوية كل عشر سنوات - في أعلى معدل لأية قارة حول العالم وبنحو ضعف المعدل العالمي أو أكثر.
وتهدف معاهدة باريس حول المناخ، إلى وضع حد لارتفاع درجات الحرارة العالمية كي يقل عن درجتين مئويتين أو 1.5 درجة مئوية إن أمكن.
"حالة سخونة تجعلها غير صالحة للعيش"
ويحذّر العلماء من أن الاحترار الذي يتجاوز هذه العتبة قد يدفع الأرض نحو حالة سخونة تجعلها غير صالحة للعيش.
وسجلت أوروبا درجات حرارة أعلى بمقدار درجتين مئويتين تقريبا عن المعايير الحديثة، وفقا لما صدر عن خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ في الاتحاد الأوروبي العام الماضي.
ودعت الأمم المتحدة مراراً الحكومات العالمية إلى الاهتمام بموضوع تغير المناخ والعمل على تجنب تداعياته على كوكب الأرض وسكانه.
وتعهدت دول على هامش أكثر من مؤتمر دولي لمناقشة التغير المناخي، بالتصدي لخطر تغير المناخ عبر اتخاذ خطوات من شأنها تخفيف الانبعاثات ومكافحة زيادة درجات الحراراة مثل التحول إلى الطاقة البديلة وتجنب قطع الأشجار وحماية الثروات الطبيعية، ووضع نهاية لاستعمال الفحم.
وقد ذكر تقرير بريطاني ومصري خلال مؤتمر قمة المناخ العام الماضي، الدور الذي يجب أن تقوم بها الدول الغنية لمساعدة الدول النامية في هذا الشأن، وقد رصد المبالغ التي يجب تأمينها لتمويل خطط حكومات الدول النامية في مجال مكافحة تغير المناخ.