المؤتمر والذكرى الـ41.. حكاية كيان سياسي نادر

مع حلول الذكرى الـ41 لتأسيس المؤتمر الشعبي العام بدأت الكتابات تزين وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك المقالات والعبارات التي تختزل كثيراً من الأساسيات والثوابت والرؤى، وابجدات وأفكار قام عليها الحزب حيث كانت ولا تزال بمثابة الضوء الذي أسرج عتمة ظلت لسنوات تحيط باليمنيين.

ناهيك عن الفوارق التي برزت في مجالات التنمية والفكر والسياسة والثقافة والعلاقات الاجتماعية وبناء الدولة عموماً واحترام القوانين الدولية وتقدير المشتركات بين الشعوب، حتى صار لها أساسات متينة ومؤسسات رائدة ودوائر ذات هياكل أفقية وعمودية متكاملة مثلها مثل بقية دول العالم مع الفارق.

هذه الذكرى مجرد محطة لا أكثر للتجديف ومحاولة إبراز مكامن الحقيقة التي جبل عليها حزب المؤتمر الشعبي العام ومعه جموع من الناس التي آمنت بوجوده ككيان متماسك له روابط وأواصر وخصوصيات تجلت في معظم مناحي الحياة وأهم مراحلها حتى صار بمثابة نظرية لها حامل وطني متفرد عن باقي التوجهات.

لنتوقف عند بعض التفاصيل من منظور مختلف، بعيداً قليلاً عن مشوار التنمية الذي شكل عصب حياة وشاهداً حياً على عظمة القيادة وتطلع الرواد الذين قادوا المرحلة بجدارة ومسؤولية عالية.

ثمة أمور بحاجة إلى كاشف ضوئي أو تسليط الضوء عليها لما تحمله من قيمة عظيمة ومسار أدركنا صعوبته حين آلت الأمور إلى كيانات مليئة بالتطرف والعشوائية والمشاريع القائمة على الانتقائية والطبقية والعنصرية والتمايزات التي تجاوزها الزمن والتبعية التي تحاول إسقاط روح الإنسان اليمني القادم من أعماق التاريخ.

ومن هنا يجب التأكيد على نقطة مهمة وهي امتلاك الإرادة القوية في أي عملية سياسية من منطلق تحمل المسؤولية التاريخية كاملة، إلى جانب شركاء يملكون من الطموحات والأهداف والرؤى ما يتسق مع فكر القيادة العليا، فالأمور العظيمة لا تأتي اعتباطاً ولا صدفة بل من ثقة عالية بالنفس وتحرك عميق على أرض الواقع، وهو ما يخلق نتائج ملموسة وليس شعارات ومهرجانات خطب ووعود تتبخر مع بداية فصل الصيف.

البيئة التي انتمى إليها كل يمني هي نفسها التي قام عليها كيان المؤتمر الشعبي، الذي شكل رافعة قوية وجوهرية في العمل الحزبي السياسي وتقديم تجربة فريدة على مستوى الجمهورية، حتى وهو يخوض غمار الصراع مع باقي الكيانات والأفكار ظل قريباً من الجميع، يتفوق بإجماع واسع منقطع النظير على كافة الموجودين في المعترك السياسي.

لقد شكل المؤتمر الشعبي العام بصفته السياسية والحاكمية توليفة من الأفكار السياسية والثقافية والشعبية ولعب على مصطلح البرجماتية بصورتها المحلية بشكل تلقائي مع كثير من جوانب الحكمة التي برزت خلال العقد الأول إلى أن تم تحقيق الوحدة اليمنية؛ وما بعدها حتى أحداث الربيع العربي، وما تلاها من خيبات لم تكن على الخاطر والتي تعد اختبارا صعبا أمام من لا يزال يؤمن بأبجديات هذا الحزب وميثاقه الرائد.

اليوم تأتي الذكرى لتعيد بلورة الآفاق التي أصبحت بمثابة جدار منيع أمام أي حل سياسي يعيد للبلد رونقه وزخمه الديمقراطي وتنوعه الاجتماعي الفريد الذي كان قاب قوسين من إكمال عملية الحضور على كافة المستويات لو لا الانتهازية التي ظهرت بها القوى الرجعية والتي لا تحمل أي مشروع سوى التطرف والخرافة والجهل.

تحية لكل مواطن يمني تربع هذا الحزب على عرش قلبه وكان محل ثقة من خلال توجهاته التي أصبحت علامات في كل بقعة أو من خلال ميثاقه الوطني الذي عده الكثير واحداً من أهم الوثائق الاجتماعية والسياسية بعد دستور الجمهورية اليمنية.

لا تزال الثقة بخيوطها الرفيعة وحبالها المتينة حاضرة في كل بيت وفي كل قرية ومنطقة وفي كل مديرية ومحافظة في السهول والجبال والأودية والمروج في عواصم المدن وحتى في مياه البحار والجزر المترامية، الثقة بهذا الكيان الرائد الذي لا يكذب أهله كما كان زعيمه وأمينه وكل من آمنوا به حق الإيمان.