ايران تستغل انفراط التحالف بين قسد والعشائر في سوريا لتوسيع نفوذها

دفعت الاضطرابات واحتدام المعارك بين قوات سوريا الديمقراطية ومسلحين من العشائر العربية في ريف دير الزور والتي توسعت إلى مناطق أخرى، الولايات المتحدة إلى التحرك سريعا لجهة نزع فتيل التوتر وقطع الطريق على ميليشيات إيرانية تقول مصادر غربية وكردية إنها استغلت الوضع لتوسيع نفوذها في المنطقة الغنية بالنفط.

وتتوجس واشنطن من تحركات إيرانية في الفترة الأخيرة على ضوء المواجهات العنيفة بين الحليفين السابقين: العشائر العربية من جهة والوحدات الكردية المدعومة أميركيا من جهة ثانية.

ويعرقل الوجود العسكري الأميركي في المناطق التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية توسع ميليشيات تدعمها روسيا وإيران ولها موطئ قدم في مناطق غربي نهر الفرات. ويقول مسؤولون من قوات سوريا الديمقراطية إنها تسعى توسيع وبسط نطاق نفوذها مستغلة الوضع المتفجر بين الطرفين والذي تعمل الولايات المتحدة على احتوائه.

واتهم مسؤولون أميركيون وآخرون من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ميليشيات إيرانية في سوريا باستغلال الخلافات بين قسد والعشائر العربية لإيجاد موطئ قدم في المنطقة الغنية بالنفط، بينما تؤكد مصادر محلية أن لتركيا كذلك دور في تأجيج الوضع ودفعه لحافة الهاوية من خلال فتح طريق لمسلحي العشائر للالتحاق بجبهة القتال المستعر بين الحليفين السابقين.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن إيثان جولدريتش نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون سوريا والميجر جنرال جويل بي فاول، قائد التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية، اجتمعا مع شيوخ العشائر العربية وقادة قوات سوريا الديمقراطية واتفقوا على "نظر المظالم المحلية" و"وقف تصعيد العنف بأسرع ما يمكن وتجنب سقوط ضحايا".

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الجهود الأميركية قد نجحت في نزع فتيل الأزمة، اذ تستمر المواجهات المسلحة ون بدرجة أقل حدة من الأيام الماضية.

وتقول تقارير غربية ومصادر من دير الزور، إن إيران تسرع من خطواتها للتوسع في مناطق النفوذ الأميركي الكردي أو في محيطه وأنها كثفت من برنامج تجنيد العشائر العربية في المنطقة عبر ما يسمى بمراكز الاستقطاب من خلال إغراءات مالية كبيرة، في مسعى للتشويش على الوجود الأميركي.

وتلتقي أهداف إيران وتركيا في مناطق غربي نهر الفرات لجهة إضعاف الإدارة الذاتية الكردية وتحجيم نفوذها بينما تعمل أنقرة على مسار سياسي يستهدف إعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري بعد سنوات من القطيعة والتوتر في صفقة قد يدفع ثمنها المكون الكردي في شمال سوريا وكذلك الميليشيات والجماعات الإسلامية السورية التي كانت تتمتع بدعم تركي كبير.    

ومع توسع نطاق المواجهات بين قسد والعشائر العربية في ريف دير الزور وجدت الميليشيات الإيرانية في ذلك فرصة لتوسيع نفوذها وربط صلات ببعض المكونات العشائرية. وتقول مصادر محلية إن تلك الميليشيات استغلت ترد الوضع الأمني لزيادة تحريض العشائر ضد الوجود الأميركي بالمنطقة خاصة مع اتهامات تواجهها الإدارة الكردية بالتمييز وتهميش العشائر العربية وحرمانها من الثورة النفطية في المنطقة.  

ووجدت المليشيات الإيرانية بعد فرض نفوذها في ريف دير الزور الشرقي، فرصة مواتية للدخول إلى مدينتي القامشلي والحسكة، في ظل الصراعات الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة، بين روسيا والولايات المتحدة من جهة، و"قسد" وتركيا من جهة أخرى.

واتهم متحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية إيران والحكومة السورية بإرسال من وصفها بـ"ميليشيات" العشائر لخلق فوضى في شمال شرق سوريا حيث تتمركز معظم القوات الأميركية الباقية في البلاد التي يقترب عددها من900.

ويقول شيوخ العشائر العربية إنهم حرموا من ثرواتهم النفطية بعدما وضعت القوات التي يقودها الأكراد يدها على أكبر آبار النفط السورية بعد رحيل الدولة الإسلامية. كما اشتكوا أيضا من الإهمال الذي تعاني منه مناطقهم مقابل الاهتمام بالمناطق ذات الأغلبية الكردية. وقال الشيخ محمود الجارالله، أحد شيوخ قبائل المنطقة، إنهم يريدون إبعاد القوات الكردية من جميع أنحاء دير الزور وتسليم إدارة المنطقة إلى سكان من أصول عربية.

وتنفي قيادة قسد الكردية التمييز ضد العرب الذين يشكلون أغلبية من السكان وتتهم فلول الدولة الإسلامية بترهيب السكان المحليين وعرقلة تطوير المنطقة. ويقول دبلوماسيون غربيون إن واشنطن تحث على منح السكان العرب دورا أكبر في إدارة شؤونهم في مناطق قوات سوريا الديمقراطية.

وقال مسؤولون أميركيون ومصادر أمنية وسكان إن اثنين من كبار المسؤولين الأميركيين زارا محافظة دير الزور الغنية بالنفط في شرق سوريا يوم الأحد في محاولة لنزع فتيل انتفاضة من العشائر العربية ضد الحكم الكردي تتسبب في زعزعة الاستقرار في شمال شرق سوريا.

وأدت انتفاضة العشائر العربية ضد حكم وحدات الشعب الكردية التي تحكم المنطقة إلى اشتباكات أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 150 شخصا. وتشكل هذه الوحدات ركيزة قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة، بينما تعتبر هذه الانتفاضة أكبر تهديد لحكمها منذ أن نجحت في طرد تنظيم الدولة الإسلامية من مساحة شاسعة من الأراضي في شمال وشرق سوريا في 2019.

وأدى اعتقال قوات سوريا الديمقراطية لقائد عربي منشق في الشهر الماضي إلى اندلاع اضطرابات سرعان ما اجتاحت عددا من البلدات من البصيرة حتى الشحيل، في حزام نفط استراتيجي في منطقة العشائر العربية شرقي نهر الفرات.

وطرد مقاتلو العشائر العربية في بادئ الأمر القوات التي يقودها الأكراد من عدة بلدات كبيرة، لكن قوات سوريا الديمقراطية بدأت في استعادة السيطرة على الوضع.