عادش بخير!

المشهد القادم من رداع لرجل يحاول الحفر في واجهة بقايا منزل متهدم بحثاً عن شقيقته عائشة يدمي ما تبقى من وجدان دمرته 9 سنوات من الحرب والقهر والألم والعذاب.

يصرخ الرجل مستحثاً أخته على الإجابة: "عائشة عادش بخير"، لكن الإجابة لا تأتي..

ولن...

في هذا الوطن لا إجابة لملايين الأسئلة الملطخة بالدم والحيرة والضعف وانتظار الأمل..!

هل قلت الأمل ؟؟

نعم الأمل الذي لم تقرأه اليمن إلا على كراسات الدراسة وعلى واجهة المباني..!

السؤال الذي جاءت إجابته المشوهة سابقاً على شكل الآلاف من الضحايا من صنعاء إلى عدن إلى تعز الى مأرب الذين سبقوا "عائشة" في مصيرها وآخرين في الطريق.

وغداً قد لن نعرف فيما إذا كانت عائشة أخرى ستجد للسؤال عنها إجابة أم أن مصير إجابتها سيكون مصير الالاف من الأسئلة الحائرة العالقة في جدران أدمغتنا المتعطلة منذ زمن..

وهل تتعطل الأدمغة..؟

في اليمن تعطّل كل شيء منذ عقد من الزمن إلا قليل..

تعطلت الأدمغة منذ أن صدق (بعضها) أن هناك حقا إلهيا يمنح اللصوص والقتلة حق حكم الناس وقتلهم..

ومع هذا الصوت والإصرار على اختراق كتلة الجدار الصلبة (تلعن) عائشة ومن معها واقعنا وحياتنا وكرامتنا وذلنا ومهانتنا تجاه جماعة استكبرت وتجبرت واضرت وافسدت وداست على كل القيم الإنسانية.

والحقيقة أنه قبل السؤال هذا فيما إذا كانت عائشة بخير كانت الإجابة حاضرة فعائشة ليست بخير وهذا الوطن ليس بخير..

والحقيقة التي لاجدال حولها أننا لسنا بخير منذ أن فقدنا الدولة وفقدنا حضورها ومؤسساتها وعدالتها وقوانينها ولسنا بخير منذ أن ظهرت هذه الجماعة التي أفسدت في الأرض شر إفساد..

وعائشة ليست ضحية هذه الجماعة فقط، هي ضحية الرجال الذين تخلوا عن رجولتهم والوطن الذي باعه الأوغاد على قارعة سوق النخاسة..

الوطن الذي نكسوا راياته، ومزقوا أوراقه، وحطموا أقلامه، وصادروا أحلامه، للشعب الذي بات ماضيه أفضل من حاضره وذكرياته أجمل من واقعه.. الوطن الذي يتمنى يوم خلاص طال انتظاره.

عن رداع وجرحها الغائر نقول: "هو جرحنا وعائشة أختنا وهذه المساكن هي بيوتنا..

تضامنوا مع الضحايا فكل اليمنيين هدف لهذه المشروع العنصري المدمر"..

فتحي بن لزرق

19 مارس 2024