مثلث الشر والفوضى المنظمة

لو أجرينا بحثاً في مجمل أخبار المنطقة العربية، سنجد أن أخبار الجماعات والمليشيات هي المتصدرة من حيث الكم والحركية والتداول، وسندرك أن هناك مطابخ إخبارية تعمل دون كلل أو ملل، على صناعة الأخبار والتقارير ومختلف المواد الإعلامية، التي تجعل من هذه الأخبار هي المواد الأكثر انتشاراً في مختلف وسائل الإعلام والتواصل والإيصال.. بل ويشعر المتلقي ذو الحنكة أحياناً أن هناك من يصنع الحدث من أجل صناعة الخبر القادر على التأثير والتفاعل بأكبر درجة ممكنة في الجماهير المتناثرة على أبعاد وأطوال دول المنطقة..!!

قد يتهمني أو يصنفني البعض بالمنفعل أو المستسلم لعقلية المؤامرة.. ومع ذلك لا أهتم بشيء مما يرد، لأن ما يحدث في هذه المنطقة من أحداث وأزمات وتغيرات، إن لم يكن مؤامرة فما عساه أن يكون..؟! نحن في المنطقة العربية شعوباً وأنظمة وحكومات، نتعرض منذ العام ٢٠١١م لعصف واقعي شديد، وتتعرض أذهاننا لتطويح وإنهاك مدمرين، بل وأحياناً إلى تفجير وبعثرة،  وإعادة تهيئة وإعداد لتقبُّل الواقع من حولنا بكيفياته الجاهزة، مهما كانت تلك الكيفيات منافية للمنطق والعقل، ثم الاستجابة الفورية لمؤشرات الإلهاء والزيف والتعامل معها كواقع مفترض، وبالتالي تقبل المسميات والصفات والأحداث على علاتها..!!

الإرهاب، الجهاد، القاعدة، داعش، الإخوان، حزب الله، أنصار الله، النصرة، حماس، و.... و.... مسميات وتنظيمات وتشكيلات وعصابات، وبالتوازي مع ذلك أحداث وانقلابات وتهديدات وفوضى وأنظمة تنهار وفساد يعم وشعوب تلتهي عن حقوقها في العيش بمواجهة معاناتها، مستسلمة ومسلوبة الإرادة والقوة..!! وكل ذلك سائر بشكل منتظم وموزع على جغرافيا المنطقة، بحيث أن البلد الخالي من المشكلات والأزمات، متأثر بمشكلات وأزمات بلد مجاور.. وهكذا تتحول بل تحولت المنطقة إلى فوهات براكين سياسية وفكرية قائمة على التخاصم والتنافس وأحيانا كثيرة التناحر..!!

وإذا دققنا في الأحداث والأزمات وعموم المتغيرات التي جرت وتجري منذ العام ٢٠١١م وحتى اليوم، نجدها أحداثاً ومتغيرات غير قابلة للتبرير، والتبرير لها أكثر سوءاً منها..!! وإثارتها وتزامنها وتشابهها مؤشرات لا تترك مجالاً للتشكيك والارتياب حول واحدية مصدرها وإدارتها.. وإنه لمن حاصل التحصيل إسناد كل ذلك إلى أصحاب مشروع أو فكرة الفوضى المنظمة في المنطقة..!! ولن تستغرب كثيراً حين تجد أن الشعوب من داخلها باتت مدركة تماما أن من يقف وراء كل هذا العصف المدمر هي أمريكا وبريطانيا وربيبتهما اسرائيل، وأن مثلث الشر هذا هو من يخطط لهذه الأزمات ويغذيها ويصنع مادتها المتفجرة بخليط من المليشيات والجماعات الإرهابية والأفكار الرجعية والبدائية التي يفترض ألا متسع لها في العصر الحديث..!!