عقوبات ترامب على الجنائية الدولية تثير عاصفة استنكار دولي.. وأوروبا تدعو لحماية استقلال القضاء

مبنى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي- 16 يناير 2019 - Reuters

واشنطن/بروكسل – أثار إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الخميس، فرض عقوبات على أفراد يعملون مع المحكمة الجنائية الدولية، موجة رفض واسعة من قادة الاتحاد الأوروبي، الذين وصفوا الخطوة بـ"الخطأ الجسيم" الذي يهدد استقلالية العدالة الدولية، فيما أيدها حليفه المجري فيكتور أوربان معتبرًا إياها "إعصارًا" يستدعي مراجعة عضوية بلاده في المحكمة.
 

اتهامات أوروبية: "عقوبات تهدد العدالة العالمية"

وصف المستشار الألماني أولاف شولتز العقوبات – التي تشمل تجميد أصول موظفي المحكمة ومنعهم من دخول الولايات المتحدة – بأنها "أداة خاطئة"، مؤكدًا أن المحكمة "درعٌ ضد طغاة العالم". بدورها، أدانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الخطوة، مؤكدة في منشور على X: "أوروبا ستظل منحازة للعدالة والقانون الدولي". بينما حذر رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا من أن العقوبات "تقوّض نظام العدالة برمته".

من جهته، أعربت هولندا – مقر المحكمة في لاهاي – عن "أسفها" للقرار الأمريكي، فيما كشفت مصادر لـرويترز عن عقد اجتماعات طارئة بين مسؤولي المحكمة لبحث تداعيات العقوبات على تحقيقاتها الجارية، خاصة بعد إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت بشأن الحرب على غزة.
خلفية القرار و"إعصار ترامب"

جاءت عقوبات ترامب – التي وقعها عبر أمر تنفيذي – ردا على إصدار المحكمة مذكرات الاعقال ضد القادة الإسرائيليين، وضمن سياق تاريخي من التوتر بين واشنطن والمحكمة، خاصة بعد تحقيقات سابقة في جرائم حرب أمريكية مزعومة في أفغانستان. وكانت إدارة ترامب قد فرضت عقوبات عام 2020 على المدعية العامة السابقة فاتو بنسودا.

وفي رد معاكس للتيار الأوروبي، أشاد رئيس الوزراء المجري أوربان – الحليف الوثيق لترامب – بالعقوبات، داعيًا إلى "مراجعة عضوية المجر في المحكمة"، ومتحدثًا عن "إعصار ترامب" الذي يهب على السياسة الدولية.
مخاوف من شلل المحكمة وتدابير استباقية

كشفت مصادر أن المحكمة اتخذت إجراءات استباقية لمواجهة العقوبات، مثل دفع رواتب الموظفين مقدماً لثلاثة أشهر، وسط تحذيرات من رئيستها توموكو أكاني في ديسمبر الماضي من أن العقوبات قد "تهدد وجود المحكمة ذاتها".

يُذكر أن المحكمة الجنائية الدولية – التي تضم 124 دولة – تُعتبر هيئة قضائية دولية دائمة لمحاكمة مجرمي الحرب، لكن دولاً كبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا وإسرائيل ليست أعضاء فيها، مما يحد من نطاق سلطتها.

تُركّز الأنظار الآن على تطورات الموقف الدولي، خاصة مع تصاعد الانقسام بين الحلفاء التقليديين حول أولوية العدالة أم المصالح السياسية، في اختبار جديد لصلابة النظام القضائي العالمي.