بث مباشر للرعب: كيف حوّل الإرهابيون "تيك توك" إلى منصة دعاية وتجنيد مقاتلين؟

لاغوس (فرانس برس) – تشهد الجماعات الإرهابية في شمال شرق نيجيريا تصاعداً في نشاطها، مع تزايد اعتمادها على منصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك" لبث دعايتها وتجنيد المقاتلين.

ففي شهر أبريل/نيسان وحده، أسفرت موجة الهجمات الإرهابية الأخيرة عن مقتل ما لا يقل عن 100 شخص، بينما حذر حاكم ولاية بورنو، بؤرة الصراع الدامي منذ 2009، من تزايد سيطرة الجماعات المسلحة على مناطق جديدة.

وفي الوقت ذاته، رصدت فرانس برس مقاطع فيديو متداولة على "تيك توك" تظهر عناصر يُعتقد أنهم متطرفون ومؤيدون لهم يستعرضون الأسلحة والذخائر والمبالغ النقدية، في مشاهد تذكّر بأسلوب زعيم "بوكو حرام" الراحل أبو بكر شيكاو خلال السنوات الأولى للتمرد.

كما سبق لعصابات مسلحة متخصصة في السطو المسلح وخطف المدنيين مقابل الفدية في شمال غرب نيجيريا أن استخدمت المنصة لأغراض دعائية.

وكتب بولاما بوكارتي، الخبير في شؤون مكافحة التطرف بمؤسسة "بريدجواي" في تكساس، على منصة "إكس": "بدأ الأمر مع العصابات الإجرامية، والآن ينظم عناصر بوكو حرام بثوثاً مباشرة على 'تيك توك' لنشر دعايتهم وتبرير جرائمهم وترهيب المعارضين".

وأكد بوكارتي أن أحد مسلحي "بوكو حرام" هدده شخصياً في فيديو تم حذفه لاحقاً بسبب انتقاداته للجماعة.

ورغم إزالة العديد من هذه الحسابات، تظل إمكانية البث المباشر على المنصة تحدياً أمام جهود الرقابة، بحسب مراقبين.

وأفاد متحدث باسم "تيك توك" بأن المنصة "تحظر بشكل قاطع أي محتوى أو حسابات مرتبطة بالعنف أو التطرف"، مشيراً إلى تعاون الشركة مع مبادرة "التكنولوجيا ضد الإرهاب" التابعة للأمم المتحدة لتعزيز آليات الرصد.

استهداف الشباب

من بين الحسابات التي رصدتها فرانس برس، ظهرت حسابات لأشخاص يرتدون الزي الديني وهم يعلنون ولاءهم لجماعات متطرفة، بينما تعرض أخرى مقاطع أرشيفية لزعماء سابقين مثل مؤسس "بوكو حرام" محمد يوسف.

كما تستخدم هذه الحسابات خاصية البث المباشر للتفاعل مع المتابعين، وحتى تلقي تبرعات مالية عبر الهدايا الرقمية القابلة للتحويل إلى نقد.

وخلف الصراع الجهادي في نيجيريا، الذي تشعبت فصائله لتنضم بعضها لتنظيم "داعش"، أكثر من 40 ألف قتيل ونحو مليوني نازح منذ بدايته.

وأوضح صادق محمد، وهو متطرف سابق انشق عن الجماعات المسلحة، أن لجوء المتطرفين إلى "تيك توك" يأتي بعد تضييق الخناق عليهم في منصات أخرى مثل "تيليغرام"، إضافة إلى استهدافهم للشباب عبر لغتهم وأدواتهم المفضلة.

تحدٍ للحكومة

يرى محللون أن الظاهرة تمثل اختباراً لسلطات نيجيريا، حيث قال مالك صموئيل، الخبير الأمني بمركز "حوكمة أفريقيا"، إن إظهار المسلحين لوجوههم "رسالة لتأكيد جرأتهم وجذب المزيد من المؤيدين".

وأضاف أن جماعة "ولاية غرب أفريقيا" التابعة لتنظيم "داعش" لا تزال تفضل أسلوباً أكثر احترافية في الدعاية مقارنة بحسابات "بوكو حرام" العشوائية على "تيك توك".

من جانبها، تؤكد إدارة المنصة التزامها بمواجهة التطرف، مشددة على سياسة حظر أي محتوى أو حسابات تحرض على العنف.