من نور النبوة إلى ظلام الحوثية... مولد على المقاس
صلاح الطاهري
بينما يعيش اليمنيون تحت وطأة الجوع، وأنقطاع المرتبات، وظلام الكهرباء، وظروف معيشية طاحنة،وفقر مدقع، يصر الحوثي على تحويل ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مناسبة روحية إلى كرنفال طائفي سياسي لتسويق نفسه، وفرض حضور الناس بالقوة أو بالخوف، فى مشهد يعكس التناقض بين رحمة الرسول وجشع الحوثية.
منظر الحشود التي خرجت لا يختلف عن قطيع أُخرج من الزرائب بعد تجويع طويل، ثم قيل له هاكم بعض الطبول والخرق القماشية، رددوا معنا الموت لأمريكا… والموت لبطونكم أيضاً!
أجساد مرهقة، وجوه شاحبة، وأقدام حافية مثقلة بالغبار، لكنها مضطرة للمشي في مواكب تلميع الحوثي لا أحتفاءً بمولد النبي وكأنها إمتحان قاسٍ للحياة إن غبت، فأنت متهم، وإن حضرت، فلتبارك الذل بالصرخة والنهيق.
بلاشك خرج الحوثي بملايين اليمنيين المكرهين على خرافاته، فى حين سجونه تضج بالمختطفين أطباء، أكاديميون، محامون، مهندسون، معلمون، ناشطون، صحفيون، خطباء ووجاهات اجتماعية.
ليسوا إسرائيليين ولا جواسيس غرباء، بل يمنيون، ذنبهم أنهم رفضوا الركوع. هناك، خلف الجدران، تتآكل أحلامهم فى الزنازين، بينما أمهاتهم يذبُلن على أبواب السجون وقلق الإنتظار المخيف للتغييب القسري، وأطفال ينتظرون آباءً غابوا بلا محاكمة ولا رحمة.
وبلا شك أيضاً انه مهرجان الوهم على حساب الجوع فالمضحك المبكي أن الحوثي يقدم فعاليته كنور إلهي، بينما جيوب الناس مثقوبة حتى آخر ريال أبو عشرة يحدثهم عن الكرامة وهم يبيعون أثاث بيوتهم في سوق الحراج، ومشاهد متكررة لأباء وأمهات وأطفال وهم يبحثون عن بقايا طعام فى براميل القمامة وعن العدالة يحدثهم وهو يوزع الإمتيازات على مشرفيه، ولصوصه.
أما الفقير فينال جائزته قصيدة وضجيج زامل من خطيب المسيرة الخرافية، وطلقة فى الهواء، وربما كيس ذرة من تراب الجوع والعطش للبطون الخاوية
نعم إنه إحتفال بلا روح
ويا لعار الحوثي أن جعل من ذكرى مولد نبي الرحمة مناسبة للإبتزاز، والجبايات والاتاوات ووسيلة لإذلال الناس،فتحولت المناسبة إلي
كرنفال جياع,ومزاد ذل و,مهرجان نفاق
يتصدره مشرف بكرش منتفخ، يوزع إبتسامات صفراء على زنابيل منهوكين.
وما بين نور محمد صل الله عليه وسلم الذي جاء رحمة للعالمين، وظلام الحوثي الذي جاء نقمة على اليمنيين، يقف الشعب حائراً يرفع يديه في فعالية إلزامية، ثم يخفض رأسه في بيته جائعاً، أو خلف القضبان مغيّباً.
ولعل أصدق ما يقال
(احتفل الحوثي بالنبي، وترك أمة النبي تموت بين الجوع والسجون)