للشهر الثالث.. انقطاع رواتب المعلمين اليمنيين وسط تجاهل حكومي وأزمة معيشية خانقة (تقرير)
شكا مئات المعلمين من توقف صرف مرتباتهم للشهر الثالث على التوالي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، وبقية المناطق المحررة، الأمر الذي فاقم معاناتهم، وسط اتهامات تربوية للجهات الحكومية المعنية بتدمير قطاع التعليم، ما يجعل الأطفال والشباب فريسة سهلة لاستقطاب الجماعات المتشددة والإرهابية.
وأكد معلمون في عدن والضالع ولحج لوكالة خبر، أن وزارة المالية لم تصرف مرتباتهم لشهري يوليو وأغسطس، فيما يشارف سبتمبر على الانتهاء دون صرف الرواتب التي يعتمدون عليها لإعالة أسرهم.
وتتراوح رواتب معظم المعلمين بين 60 و70 ألف ريال شهرياً، وهو مبلغ لا يغطي سوى 30% من احتياجات الأسرة الغذائية، بينما يظل المعلم مطالباً بتسديد إيجار السكن، وتأمين المياه المنعدمة في معظم الأحياء عبر شرائها من السوق السوداء، إلى جانب تكاليف التعليم والصحة والنقل وغيرها من الالتزامات.
وأشار المعلمون إلى أنهم اضطروا لمزاولة أعمال أخرى لتأمين احتياجات أسرهم، رغم عدم تناسب تلك الأعمال مع مكانتهم العلمية والاجتماعية، بينما دفع البعض بأبنائهم الصغار إلى سوق العمل، معرضين إياهم لمخاطر الاستغلال والتحرش.
استهداف ممنهج
وطالب معلمو وإداريو محافظتي لحج والضالع السلطات المحلية بصرف حوافز شهرية أسوة بزملائهم في عدن، حيث أصدر محافظ عدن في وقت سابق قراراً بصرف حافز شهري قدره 50 ألف ريال لكل معلم (ثابت أو متعاقد أو متعاون)، و30 ألف ريال للموظفين الإداريين، في محاولة للتخفيف من معاناتهم في ظل انهيار القوة الشرائية للراتب، الذي بات لا يساوي سوى 37 دولاراً أمريكياً وفق سعر الصرف الحالي (1619 ريالاً للدولار).
يأتي ذلك في وقت كان فيه راتب المعلم الشهري يتجاوز 300 دولار قبل اندلاع الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي مطلع عام 2015، بينما تلتزم الجهات الحكومية الصمت حيال هذه الأزمة، في ما وصفه تربويون بـ"الاستهداف الممنهج لتدمير التعليم".
قرارات تخديرية
وأفادت مصادر في وزارة التربية بعدن وكالة خبر بأن العلاوات والتسويات متوقفة منذ عام 2012 وحتى اليوم، من دون مبرر قانوني، رغم أنها حق مشروع للموظفين ولا تمثل عبئاً كبيراً على خزينة الدولة. كما توقفت العلاوات الدورية منذ 2020 حتى اللحظة.
وأضافت المصادر أن رئيس الوزراء السابق أحمد عوض بن مبارك وجّه بصرف العلاوات والتسويات لموظفي الدولة، بمن فيهم كوادر وزارة التربية والتعليم، ابتداءً من يناير 2025، وإضافتها إلى الراتب الشهري. غير أن القرار لا يزال حبيس أدراج وزارتي المالية والخدمة المدنية.
ووصف معلمون وتربويون هذه الإجراءات بأنها "قرارات تخديرية" تستهدف المماطلة وإطالة معاناة الكوادر التعليمية، ما يزيد المخاوف على مستقبل العملية التعليمية برمتها.
في السياق ذاته، تواصل نقابة المعلمين مطالبة الحكومة بصرف "طبيعة عمل" للمعلمين الذين وظّفوا خلال 2011، إلا أن هذه المطالب لم تلقَ أي استجابة حتى الآن.
كما شددت النقابة على ضرورة إعادة هيكلة الأجور بما يتناسب مع قيمة العملة في 2015، محذّرة من اتساع الفجوة بين المعلمين وبقية موظفي الدولة.
وفي ظل استمرار تجاهل المطالب، ارتفعت أصوات تربوية خلال اليومين الماضيين تدعو إلى عودة الإضراب الشامل في جميع المدارس، وهو ما يهدد بتصاعد التوتر مجدداً بين المعلمين من جهة، ووزارتي المالية والخدمة المدنية من جهة أخرى، على خلفية الاستحقاقات المجمّدة والقرارات الموقوفة.