للمرة الثالثة.. مسلحون حوثيون يقتحمون مسجد السنة بسعوان ويفرضون خطيباً مواليأً للجماعة بالقوة
في حادثة أثارت موجة استنكار واسعة، أقدمت مجاميع مسلحة تابعة لمليشيا الحوثي، وبمساندة عناصر من جهاز الأمن المركزي، على اقتحام مسجد السنة في منطقة سعوان بالعاصمة المختطفة صنعاء أثناء صلاة الجمعة الموافق 10 أكتوبر 2025م، مطلقة الهتافات والصرخات داخل المسجد، ومستخدمة أساليب الترهيب لإخضاع المصلين وإجبارهم على الاستماع لخطيب موالٍ للجماعة.
وفقًا لشهود عيان، دخل عشرات المسلحين إلى المسجد واعتلى بعضهم المنبر بالقوة، ثم أعلنوا فرض خطيب من طرفهم، مانعين الشيخ عبدالباسط من إلقاء خطبته المعتادة.
وأكد الشهود أن المسلحين لم يكتفوا بالمنع فقط، بل صاحَب ذلك صيحات وهتافات مذهبية داخل المسجد، ما أثار حالة من الخوف والارتباك بين المصلين. كما شوهدت آليات تابعة للأمن المركزي خارج المسجد لدعم المقتحمين ومنع أي محاولة اعتراض.
سلسلة اعتداءات سابقة ممنهجة
هذه الحادثة ليست الأولى، بل تأتي ضمن سلسلة من الاعتداءات المتكررة التي تستهدف الشيخ عبدالباسط الريدي وطلابه ومسجده منذ فترة، بهدف التضييق عليهم ومنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية بأمن واستقرار.
وقد شملت تلك الاعتداءات: التضييق على طلاب العلم، واغلاق مسجد النساء، واستدعاءات وتهديدات، واستفزازات متكررة، ومحاولات فرض خطباء موالين للجماعة بالقوة، وبث رسائل تخويف وترهيب داخل المسجد.
سبب الاستهداف
يُعرف عن الشيخ عبدالباسط الريدي وطلابه التزامهم بالسكينة العامة وابتعادهم التام عن أي صراع سياسي أو تحريض أمني. بل إنهم – بحسب الأهالي – رمز للهدوء وحسن الخلق ونشر العلم.
ورغم ذلك، تتهمهم المليشيا الحوثية بأنهم لا يتبعون مذهبها، ولذلك تسعى لإجبارهم على تبني أفكارها ومناهجها الخاصة، دون مراعاة للتنوع المذهبي أو مبادئ التعايش السلمي في المجتمع.
فرض مذهب واحد بالقوة
بحسب عدد من المصلين، أصدرت المليشيا الحوثية أوامر تلزم الخطباء والأئمة باتباع منهجها الفكري، وفرض خطباء موالين لها في مختلف المساجد، بما في ذلك مسجد السنة الذي يُعد من أبرز مساجد العلم في المنطقة.
ويؤكد الأهالي أنّ ما يجري هو محاولة فرض مذهب بالقوة على حساب حرية العبادة، وحق المجتمع في سماع خطباء موثوقين منهم.
وأمام تزايد الاعتداءات، قدم الشيخ عبدالباسط طلبا رسميا للجهات المعنية يطالب فيه بوقف الاعتداءات عليه وعلى طلابه ومسجده تمكينهم من أداء العبادة والتعليم بأمان، فالأمن حق مكفول لكل إنسان.
وأضاف في طلبه أنه إذا استحال وقف الاعتداءات، فعلى الأقل يتم فتح طريق وممر آمن يخرج فيه هو وطلابه إلى أرض يضمنون فيها حقهم في العبادة والدعوة إلى الله بحرية وكرامة.
قلق مجتمعي واسع
أبناء المنطقة عبّروا عن قلقهم الشديد من استمرار هذه الممارسات، معتبرين أن اقتحام المساجد وإرهاب المصلين سابقة خطيرة تهدد السلم الاجتماعي، وتنتهك حرمة بيوت الله. كما حذّروا من أن استمرار تسييس المنابر الدينية سيؤدي إلى توترات مجتمعية لا تُحمد عقباها.
المصلون في مسجد السنة أكدوا أنهم ليسوا طرفًا في أي صراع سياسي، وأن هدفهم هو تعلم العلم الشرعي والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، مشددين على أنهم باقون على منهج الاعتدال، ولن ينجروا إلى العنف مهما كانت الاستفزازات.
جدير بالذكر أن حادثة اقتحام مسجد السنة يوم 10 أكتوبر 2025م تمثل نموذجًا صارخًا لتدهور حرمة دور العبادة، وتكشف حجم التضييق الذي يتعرض له العلماء وطلاب العلم..
وبينما تستمر الاعتداءات، يبقى السؤال المطروح: هل ستتدخل الجهات المسؤولة لحماية حرية العبادة ووقف فرض الهيمنة الفكرية على المساجد؟ أم أن الصمت سيفسح المجال لمزيد من الانتهاكات؟