انفجار التوتر في إب.. رفض شعبي واشتباكات بسبب مشروع كسارة بذي السفال
تشهد مديرية ذي السفال، جنوب محافظة إب، حالة توتر متصاعدة، إثر إصرار قيادات محلية خاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي على إقامة مشروع كسارة في منطقة مأهولة بالسكان والزراعة، رغم اعتراض الأهالي، وتوجيهات رسمية سابقة تقضي بإيقاف المشروع نظراً لمخاطره البيئية والاجتماعية.
وتكشف القضية عن صراع نفوذ داخل السلطة المحلية المسيطر عليها من قبل الحوثيين، وسط اتهامات بتمرير المشروع لصالح مستثمرين نافذين على حساب حياة المواطنين ومصالحهم.
توجيهات معطّلة وتمرد داخل السلطة المحلية
ووفق مصادر محلية، كان المحافظ المعيّن من قبل المليشيات الحوثية قد أصدر توجيهات بعدم السماح بإقامة الكسارة حفاظاً على الاستقرار البيئي والاجتماعي في المنطقة، غير أن القيادي الحوثي المعين من قبل الحوثيين وكيلاً للمحافظة أبو علي النوعة تجاوز هذه التوجيهات، مدعوماً بشبكة نفوذ من قيادات حوثية عليا تتبنى المشروع.
ويعكس هذا التباين ازدواجية القرار داخل السلطة المحلية، حيث تتغلب الولاءات العسكرية والمصالح الشخصية على الهياكل الإدارية.
احتجاجات شعبية واشتباكات مسلحة
وفي تصعيد جديد، اندلعت اشتباكات مسلحة، الخميس، في منطقة الخرابة بعزلة وادي ضبا وخذوه بين عدد من الأهالي وعناصر حوثية تابعة للقيادي أبو حسن النوعة، بعد محاولة الميليشيا استقدام معدات لشق طريق تمهيداً لإنشاء الكسارة على إحدى الأراضي الزراعية.
وبحسب المصادر، فإن المشروع، يعود لمستثمر حوثي من محافظة عمران، سبق أن فشل في إقامة المشروع في منطقة دمنة نخلان بمديرية السياني، نتيجة الرفض الشعبي هناك، قبل أن يتم نقله إلى ذي السفال تحت حماية أطقم مسلحة.
وقال الأهالي إن الخطوة تهدف إلى فرض المشروع بالقوة، رغم الاعتراض المجتمعي الواسع والمخاطر البيئية المؤكدة.
مخاطر بيئية وصحية جسيمة
يحذر السكان والناشطون المحليون من آثار مباشرة تهدد حياتهم، أبرزها: انتشار أمراض تنفسية نتيجة تطاير الغبار، وتضرر الأراضي الزراعية وتراجع الإنتاج الزراعي، مع تشققات وانهيارات في منازل قريبة من موقع الكسارة.. إضافة إلى الآثار السلبية على الثروة الحيوانية والإنتاج الريفي.
ويؤكد مهندسون وناشطون بيئيون أن المشروع يفتقر إلى دراسات تقييم أثر بيئي، ما يجعله مخالفاً لأبسط الشروط المعتمدة لمثل هذه المشاريع.
تدهور أمني
تزامنت الضغوط لفرض المشروع مع انتشار مسلحين ونقاط تفتيش مؤقتة في محيط المنطقة، وسط تهديدات للأهالي باستخدام القوة، ما أثار مخاوف من انزلاق الوضع إلى موجة عنف أوسع.
ويرى سكان محليون أن الأجهزة الأمنية التي تحتلها مليشيا الحوثي في المحافظة أصبحت "مفرغة من صلاحياتها"، فيما تتولى مجموعات مسلحة مرتبطة بقيادات حوثية نافذة مهمة فرض القرارات الميدانية بالقوة.
صمود الأهالي أمام مراكز النفوذ
تجسد قضية كسارة ذي السفال نموذجاً لما تعانيه المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين من تهميش لإرادة المجتمع وفرض مشاريع استثمارية بالقوة على حساب حياة المواطنين.
ورغم الضغوط، يؤكد الأهالي استمرارهم في رفض المشروع وحماية أرضهم وبيئتهم، معتبرين أن الدفاع عن حقهم في العيش بسلام مسؤولية جماعية لا يمكن التخلي عنها.
ويبقى مصير المشروع مرهوناً بحجم التضامن الشعبي والإعلامي، في ظل غياب مؤسسات دولة تحمي الحقوق وتفرض سيادة القانون.