من قحطان إلى الأحول.. حملة حوثية ممنهجة لاجتثاث الأحزاب اليمنية
منذ انقلاب 21 سبتمبر 2014، واصلت مليشيا الحوثي استهداف قيادات الأحزاب السياسية اليمنية عبر موجات متكررة من الاختطافات والملاحقات، في إطار مساعٍ لإقصاء القوى الوطنية وإحكام قبضتها على الحياة السياسية في مناطق سيطرتها.
في العام 2015، أقدمت مليشيا الحوثي على اختطاف القيادي البارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح، محمد قحطان، من منزله في العاصمة صنعاء، واقتادته إلى جهة مجهولة، ولا يزال مصيره مجهولاً حتى اليوم، رغم المناشدات المحلية والدولية للكشف عن مكانه. كما طالت موجه الاختطافات حينها عشرات القيادات والعناصر المنتمية للحزب ذاته.
وفي مطلع أكتوبر 2018، اختطفت المليشيا الدكتور عبدالعزيز الوحش، عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني والسكرتير الأول لمنظمة الحزب بمحافظة إب، إلى جانب خالد محمد هاشم، أمين سر فرع التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري بالمحافظة، واحتجزتهم في مقر جهاز الأمن السياسي.
كما صعّدت الجماعة من استهدافها لحزب المؤتمر الشعبي العام عقب اغتيالها الرئيس علي عبدالله صالح في الرابع من ديسمبر 2017، حيث اختطفت المئات من قيادات وأعضاء الحزب، بمن فيهم الأمين العام عارف الزوكا، الذي تمت تصفيته مع صالح، وأودعت آخرين في سجونها السرية.
تكررت الحوادث ذاتها منتصف أغسطس الماضي، حين اختطفت المليشيا رامي عبدالوهاب محمود، القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي، من العاصمة صنعاء، وسط اتهامات مباشرة للحوثيين بالوقوف وراء العملية وإخفائه قسراً دون أي مسوغ قانوني.
وفي أواخر أغسطس من الشهر ذاته، اختطفت الجماعة غازي الأحول، الأمين العام لجناح المؤتمر الشعبي في صنعاء، برفقة مدير مكتبه عادل رُبيد وثلاثة من مرافقيه، واقتادتهم إلى جهة مجهولة بتهم وُصفت بأنها كيدية تهدف إلى إسكات الأصوات المخالفة.
ولم تسلم قيادات الأحزاب الأخرى من بطش المليشيا، إذ اختطفت في سبتمبر المنصرم الدكتور عائض الصيادي، السكرتير الثاني للحزب الاشتراكي بمحافظة ذمار، أثناء خروجه من منزله قبيل احتفالات العيد الوطني الـ63 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، واقتادته إلى جهة غير معلومة.
ووفق مصادر سياسية، اقتحمت مليشيا الحوثي منذ انقلابها مئات المقرات الحزبية في صنعاء وعدد من المحافظات، وصادرت محتوياتها، وحولت بعضها إلى مقار تدريبية ومراكز لنشاطاتها الطائفية، في خطوة تهدف إلى تفريغ الحياة السياسية من مضمونها المدني.
ويقبع العشرات من القيادات الحزبية من مختلف المستويات في سجون المليشيا، فيما لا يزال آخرون مخفيين قسراً، وسط تقارير حقوقية تتحدث عن تعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي في سجون سرية، في ظل صمت دولي مريب وتقاعس أممي عن التدخل.
ويرى مراقبون أن تصاعد هذه الانتهاكات يأتي في سياق تحركات الحوثيين الرامية إلى حلّ الأحزاب السياسية نهائياً، بزعم ما يسمى "الحق الإلهي والولاية"، في محاولة لإعادة إنتاج نظام شمولي يقوم على الولاء العقائدي بدلاً من التعدد السياسي.
وأشار المراقبون إلى أن هذه الممارسات تعكس بوضوح توجه الجماعة نحو الاستحواذ الكامل على المشهد السياسي، وإقصاء جميع القوى الوطنية، بعدما ضاعفت خلال السنوات الماضية من القيود المفروضة على أنشطة الأحزاب، ومنعت إقامة أي فعاليات حزبية حتى لجناح حزب المؤتمر الموالي لها شكلياً.
 
					 
				