استطلاعات جديدة: الصين تكسب ودّ الروس بعد حرب أوكرانيا.. وواشنطن تخسر شعبيتها

أظهرت استطلاعات رأي حديثة أن نسبة تأييد الشعب الروسي للصين تضاعفت خلال السنوات الأخيرة، لتصل إلى نحو 69%، مقارنة بعام 2019 حين لم تتجاوز 36%.

ويعزو محللون هذا الارتفاع اللافت إلى مساندة بكين لموسكو في حربها ضد كييف، وإلى التقارب السياسي والاقتصادي المتزايد بين البلدين.

في المقابل، انخفضت نسبة تأييد الروس للولايات المتحدة إلى 14% فقط، وهي نسبة مشابهة لمتوسط الدعم خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب (12%)، وأعلى قليلًا من النسب الأحادية التي سُجّلت في السنوات الأخيرة من رئاسة جو بايدن.

ويُظهر الفارق الحالي، البالغ 55 نقطة مئوية بين الصين والولايات المتحدة، تحوّلًا كبيرًا في المزاج الشعبي الروسي مقارنة بما قبل عقد من الزمن، حين بلغ متوسط الفارق بين عامي 2009 و2013 نحو ثماني نقاط فقط.

تجارة متنامية وتحالف متين

ترافق الارتفاع في شعبية الصين داخل روسيا مع ازدهار ملحوظ في حجم التجارة الثنائية، إذ تجاوزت قيمة الصادرات والواردات الصينية إلى روسيا 100 مليار دولار لكل منهما. ويمكن القول إنه بعد فرض العقوبات الغربية على موسكو، أصبحت الصين بمثابة شريان حياة للاقتصاد الروسي.

وقد حرصت الدولتان على إظهار وحدة موقفهما في مختلف المناسبات. فقد شارك الرئيس فلاديمير بوتين في عرض عسكري ضخم في الصين خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي بمناسبة "يوم النصر"، إلى جانب الرئيس الصيني شي جين بينغ والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

كما زار الزعيم الصيني موسكو احتفالًا بالذكرى الـ80 لانتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية في مايو/أيار الماضي.

وسبق أن وصف بوتين نظيره الصيني بأنه "صديق عزيز"، مؤكدًا أن العلاقات مع الدولة الآسيوية وصلت إلى "مستوى غير مسبوق"، بعد أن عقد الزعيمان أكثر من 40 اجتماعًا منذ توليهما السلطة.

صعود استثنائي في خريطة النفوذ الصيني

تُعدّ روسيا حالة استثنائية في خريطة النفوذ الناعم للصين على مستوى العالم. فبحسب استطلاعات عام 2024، كانت موسكو واحدة من دولتين فقط خارج إفريقيا — إلى جانب هونغ كونغ — تحظى فيهما الصين بأعلى معدلات التأييد الشعبي بلغت نحو 70%، وهي النسبة نفسها تقريبًا المسجّلة في عام 2025.

واللافت أن هذا الواقع لم يكن قائمًا، إذ كانت دول مثل إيران وباكستان أكثر ميلًا إلى الصين من روسيا في السابق. غير أن موسكو تجاوزتهما في الأعوام الأخيرة، ما يعكس تحوّلًا عميقًا في التوجهات السياسية والرأي العام الروسي نحو الشرق.

رفض متزايد للأمم المتحدة

وفي مؤشر آخر على هذا التحوّل، أظهرت استطلاعات مؤسسة "غالوب" لعام 2025 أن نحو ثلاثة من كل أربعة روس (73%) يرفضون أداء الأمم المتحدة، مقابل 15% فقط يبدون تأييدهم لها — وهي النسبة نفسها تقريبًا التي يعبّرون بها عن دعمهم لواشنطن (14%).

ويأتي هذا العداء على خلفية تدهور علاقة موسكو بالمنظمة الدولية منذ غزو أوكرانيا، إذ أدانتها الجمعية العامة وهيئات حقوق الإنسان، بينما استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لتعطيل قرارات عدة.

ومنذ ذلك الحين، انحصر دور الأمم المتحدة في الجهود الإنسانية، مثل إيصال المساعدات، ومراقبة أوضاع حقوق الإنسان، والإشراف على مبادرة حبوب البحر الأسود.