بلومبرغ: إيران تسعى لعلاقات "دبلوماسية" مع ترامب وسط صعوبات اقتصادية خانقة

إيرانيون يسيرون بجوار لوحة إعلانية عليها صور الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ورئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري والرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في أحد شوارع طهران، إيران. 27 أكتوبر 2024 - Reuters

تبدي إيران اهتماماً بإقامة علاقات دبلوماسية مختلفة مع الولايات المتحدة في الولاية الثانية للرئيس المنتخب دونالد ترمب، وذلك وسط عقوبات خنقت اقتصادها وتسببت بعزلتها دولياً، وفق ما أوردته "بلومبرغ".

ومع استعداد ترمب لولاية ثانية، تتجه الأنظار نحو ما إذا كان سيعيد تفعيل سياسته المعروفة بـ"الضغط الأقصى" ضد إيران، والتي ميزت فترته الرئاسية الأولى، ولكن مع معاناة الإيرانيين من صعوبات اقتصادية، يبدي الرئيس مسعود بزشكيان عزمه على إقامة علاقة مختلفة هذه المرة.

ومنذ فوزه في انتخابات يوليو الماضي، يسعى الإصلاحي بزشكيان، إلى تخفيف العقوبات والتقارب مع الغرب، وتحقيق "الاستقرار الاقتصادي" للإيرانيين في سلم أولوياته. 
صعوبات اقتصادية

ويرى ماتشي فويتال، الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة "أمتيلون كابيتال" أن "تقليل التوتر مع الولايات المتحدة أمر أساسي لاستقرار الاقتصاد الإيراني".

وقال إن "الحكومة الجديدة أرسلت رسائل واضحة، تشير إلى استعدادها للتفاوض، في تحول عن استراتيجيتها المعتادة المتمثلة في تصعيد تخصيب اليورانيوم كورقة ضغط".

ومع ذلك، يبقى الخلاف بشأن الأنشطة النووية لإيران عاملاً مؤثراً، إذ قالت طهران، الجمعة، إنها ستزيد عدد أجهزة الطرد المركزي في برنامجها النووي، رداً على انتقاد وجهته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رغم تعهدها بوقف إنتاج اليورانيوم الجاهز للاستخدام في تصنيع الأسلحة.

وأشارت "بلومبرغ" إلى إعلان الوكالة، الثلاثاء، عن موافقة إيران على وقف إنتاج اليورانيوم المخصب إلى مستويات قريبة من تلك اللازمة لصناعة القنابل، في خطوة غير مسبوقة اعتبرها البعض "عرضاً للمصالحة" موجه لترمب.

ويواجه بزشكيان العديد من التحديات الاقتصادية، بما في ذلك تضخم يتجاوز 30%، ونقص الوقود، وارتفاع في تدفقات رأس المال إلى الخارج، وفقد العمالة الماهرة بسبب الهجرة إلى أوروبا والولايات المتحدة.
نقص البنزين وانقطاعات دورية للكهرباء

علاوة على ذلك، سجلت العملة الإيرانية تراجعاً إلى مستويات قياسية متتالية مقابل الدولار، وخسرت حتى الآن أكثر من 90% من قيمتها منذ مايو 2018.

كما أجبر نقص الاستثمارات الحيوية اللازمة للبنية التحتية الإيرانية طهران على زيادة وارداتها من البنزين عالي الجودة، في وقت تواجه فيه مصافيها صعوبة في تلبية الاحتياجات.

كما اضطرت إيران إلى تطبيق انقطاعات دورية للكهرباء، بسبب عجز محطات الطاقة عن توفير إمدادات كافية للمنازل والصناعات.

ولفتت "بلومبرغ" إلى أن كل ذلك يشير إلى ارتفاع التضخم، وهو ما لا يستطيع بزشكيان تحمله في وقت تشهد فيه المنطقة صراعات وعدم استقرار على الصعيدين الداخلي والخارجي.

وشهدت إيران احتجاجات دامية في عام 2019، اندلعت بسبب ارتفاع أسعار البنزين، تلتها انتفاضة وطنية بعد ثلاث سنوات، كانت أكبر انتفاضة شعبية ضد المرشد علي خامنئي ونظام الحكم الديني في البلاد منذ عام 1979. 
برجماتية إيرانية

وعين بزشكيان فريقاً للسياسة الخارجية برئاسة عباس عراقجي، الذي لم يتفاوض فقط على الاتفاق النووي الأصلي في عام 2015، بل كان عليه أيضاً التعامل مع الفوضى التي نشأت بعد انسحاب ترمب من الاتفاق في العام 2018.

وقال فالي نصر، وهو مستشار كبير سابق لوزارة الخارجية الأميركية وأستاذ في جامعة جونز هوبكنز، إن وجود هذا الفريق "يظهر أن الإيرانيين مهتمون بالتأكيد بإبرام اتفاق مع الولايات المتحدة".

وأضاف: "إنهم برجماتيون بما يكفي ليعرفوا أنه إذا وجدوا طريقاً للمضي قدماً، فمن الأفضل بكثير التعامل مع شخص يمكنه إتمام الاتفاق".

وقالت "بلومبرغ" إن طريقة تعامل حكومة ترمب الجديدة مع البرجماتية الإيرانية "لم تتضح بعد"، إذ تشمل ترشيحات ترمب الوزارية حلفاء متشددين مؤيدين لإسرائيل، التي تبادلت شنت ضربات على إيران مرتين هذا العام، بالإضافة إلى شخصيات دعت إلى قصف طهران.
تجارة النفط

وقالت "بلومبرغ" إن تبني ترمب سياسة صارمة تجاه إيران، قد يؤثر بشكل كبير على تجارة النفط الإيرانية، مشيرة إلى الضغط الذي مارسه الرئيس المنتخب على تدفقات النفط الإيرانية خلال فترته الأولى التي انتهت في يناير 2021.

وتوقع جون إيفانز، المحلل في شركة "PVM Oil Associates Ltd" في لندن، أن تكون صادرات النفط الخام الإيراني على رأس قائمة العقوبات لترمب، قائلاً: "النهج سيكون مشابهاً لذلك الذي اتُبع خلال فترة رئاسة ترمب الأولى".  

وتواجه طهران، مثل غيرها من المنتجين، تراجعاً بنسبة 15% في أسعار النفط الخام منذ أواخر يونيو الماضي، مع احتمالية أن يؤدي الفائض العالمي المتوقع إلى حدوث مزيد من الانخفاض في الأسعار العام المقبل.

وشهد إنتاج النفط الإيراني انتعاشاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مع شراء مصافٍ في الصين، أكبر مستورد للنفط الإيراني، البراميل بأسعار منخفضة، وتخفيف إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تطبيق العقوبات للسيطرة على تكاليف البنزين.

ولكن من غير الواضح ما إذا كان هذا التعافي سيكون قادراً على الصمود أمام فترة رئاسية ثانية لترمب، حتى مع الشبكة اللوجستية القوية التي بنتها إيران للالتفاف على العقوبات.