«الممول الصومالي الغامض».. عبدالقادر مؤمن «الرجل الأقوى في داعش»

 عبدالقادر مؤمن، صومالي بملامح أفريقية ولحية برتقالية، بات الرجل الأقوى في تنظيم "داعش" الإرهابي، بحكم تحكمه في مصدر مهم لتمويله.

مؤمن الذي ورد اسمه في تقرير للجنة مجلس الأمن المعنية برصد نشاط تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، هو زعيم "داعش" في الصومال، ومدير "مكتب الكرار"، الذي يُدر نحو 360 ألف دولار شهريا على التنظيم، حسب التقرير الذي أطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه.

وذكر التقرير أن "مؤمن" اتخذ تدابير عدة لتعزيز البنية التحتية المالية للتنظيم، وأن نمو دور "داعش" في الصومال مرتبط بدوره المالي المتزايد.
دور مالي متزايد

ويزعم التنظيم أن قائده يُدعى أبوحفص الهاشمي القرشي، لكن المراقبين يتساءلون عن هوية الشخصية التي تقف خلف هذا الاسم المستعار، وإن كان هذا الشخص موجودا حقا.

وذكر تقرير لجنة مجلس الأمن أن وجهات نظر الدول، تباينت بشأن هوية أبوحفص الهاشمي، لافتا إلى أن الترجيحات ذهبت نحو شخصين، هما: عبدالله مكي مصلح الرافعي، عراقي الجنسية معروف باسم أبوخديجة، وعبدالقادر مؤمن.

تلك الترجيحات مردها مكانتهما الكبيرة في إدارة الفروع والتنظيم العام لداعش، حسب التقرير، الذي قال إنه نظرا للدور الكبير الذي يتمتع به مؤمن، لم تستبعد بعض الدول أن يتحول تنظيم داعش إلى اختيار زعيم من أصل أفريقي.

التقرير الأممي إذن حدد فرضيتين لوضع مؤمن في التنظيم العام لـ "داعش"، إما أنه زعيم التنظيم، الذي يُخفي هويته كونه أفريقيا، وليس عربيا، وإما أنه الزعيم القادم.

تلك المكانة المتصاعدة لمؤمن في التنظيم دفعت محللين إلى القول إنه "بالفعل الرجل الأقوى في التنظيم"، وإن كان لا يحمل اللقب رسميا، بحسب "فرانس برس".

وقال تور هامينغ من "المركز الدولي لدراسة التطرف"، لـ "فرانس برس"، إن مؤمن الشخصية الأهم، والأكثر قوة، وهو المسيطر على شبكة تنظيم داعش العالمية، مضيفا: "في هذه المنظومة الغامضة حيث يُقتل القادة واحدا تلو الآخر، مؤمن هو بين عدد قليل من الوجوه المهمة التي تمكنت من البقاء على قيد الحياة حتى الآن، وهو ما يمنحه نوعا من المكانة ضمن المجموعة".

وساد اعتقاد قبل بضعة أشهر بأن عبدالقادر مؤمن قُتل بضربة أميركية، لكن بما أن أي دليل لم يرد عن مقتله، يُفترض بأنه حي ويواصل العمل.

وقال هامينغ إن "الصومال مهمة لأسباب مالية. هم يرسلون المال إلى الكونغو وموزمبيق وجنوب أفريقيا واليمن وأفغانستان. لذا، لديهم نموذج مالي جيد".
أرض صغيرة وجاذبية كبيرة

عاش مؤمن المولود في منطقة بونتلاند التي تحظى بحكم شبه ذاتي، في السويد قبل الاستقرار في انجلترا حيث حصل على الجنسية البريطانية.

وعرف في لندن وليستر في مطلع الألفية كداعية متشدد في المساجد المتطرفة وفي تسجيلاته المصورة التي انتشرت على الإنترنت.

وقيل إنه أحرق جواز سفره البريطاني فور وصوله إلى الصومال، حيث سرعان ما أصبح ينشر الدعاية لصالح حركة "الشباب" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" قبل انشقاقه لينضم إلى صفوف تنظيم داعش في عام 2015.

وقال مسؤول استخباراتي أوروبي طلب عدم الكشف عن هويته، إن مؤمن "يسيطر على أرض صغيرة لكنه يحظى بجاذبية كبيرة، ويوزّع المتطوعين والمال".

وموّل مؤمن المتمردين الأوغنديين من "القوات الديموقراطية المتحالفة" المرتبطة بتنظيم داعش في جمهورية الكونغو والبالغ عددهم ما بين ألف و1500 عنصر، بحسب المسؤول الاستخباراتي، الذي قال: "بمساعدة مؤمن لجأ هؤلاء مؤخرا إلى الجهاد ساعين إلى التطرف والأسلحة والتمويل".

وقال مراقبون إن مؤمن هو الزعيم المرتقب في الهيكل القيادي للتنظيم، لكن مبايعته رسميا ستكون مؤشرا على تحوّل إيديولوجي في تنظيم داعش.

وبحسب مدير مركز أبحاث "مشروع مكافحة التطرف" هانز-جاكوب شندلر فإن "من شأن مبايعة مؤمن أن يثير ضجة بين أنصار تنظيم داعش والمتعاطفين معه".
تحوّل باتجاه أفريقيا

وقال شندلر لـ "فرانس برس": "نظريا، يتعيّن على زعيم التنظيم بأن يكون عربيا، ولا يمكن لزعيم تنظيم مهتم إلى هذا الحد بأسسه الفكرية أن يكون مجرّد صومالي بلحية برتقالية".

لكن النشاط العملياتي لقادة المجموعات المرتبطة بالتنظيم في غرب أفريقيا، يمكن أن يسمح لهم بالمطالبة بمنصب من هذا النوع.

ورغم أن الزعيم الصومالي لا يستوفي معايير القيادة التقليدية، إلا أن موقعه الجغرافي يمنحه بعض الميّزات.

وقالت مجلة "سي تي سي سينتنيل" التي تعنى بالتهديدات الإرهابية والتابعة للأكاديمية العسكرية الأميركية "West Point"، إن "منطقة القرن الأفريقي وفّرت حماية من عدم الاستقرار في المشرق وحرية حركة أكبر".

وأضافت أن "سمات القيادة هذه توازي تلك التي اتسم بها زعيم جهادي آخر هو أسامة بن لادن، الذي رأى أن تمويل حربه هو أساس الانتصار فيها".

ويعكس صعود مؤمن إلى أعلى هرم القيادة رغم العدد القليل من المقاتلين تحت قيادته أيضا تحولات داخلية ضمن تنظيم داعش.

وقال هامينغ إن التحول الأول هو أن "الزعيم لم يعد الشخصية الأهم في داعش، وأما الثاني، فهو أن التنظيم يسعى بالفعل إلى تحول استراتيجي تدريجي باتّجاه أفريقيا".

وبحسب المصدر الاستخباراتي الأوروبي فأن "90 % من الصور العنيفة التي تصل إلى أوروبا تأتي من أفريقيا".

لكن رغم ذلك تبقى قيادة التنظيم متمركزة في الشرق الأوسط، بحسب مجلة "سي تي سي سينتنيل" التي تؤكد أن "الأمور في هذا الصدد ما زالت على حالها".