رسوم التصديقات الجامعية.. جبايات منهكة وحسابات خارج الرقابة المالية في وزارة التعليم العالي بعدن (تقرير)
يواجه آلاف الطلبة والخريجين في اليمن معاناة متفاقمة نتيجة فرض رسوم تصديق مرتفعة على الوثائق الجامعية والمهنية من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم الفني والتدريب المهني في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وسط اتهامات بوجود جبايات غير قانونية تقدر بنحو 50% من الرسوم، تتحكم بها شبكات نافذة داخل الوزارة.
وأفادت مصادر طلابية لوكالة خبر، بأن الوزارة فرضت مبالغ مالية كبيرة على مختلف الوثائق الجامعية، تجاوزت الضعف بنسبة 100% مقارنة برسوم العامين الماضيين، دون صدور تعميم رسمي أو قرار معلن.
وتشمل الرسوم 10 آلاف ريال يمني لتصديق كل شهادة كرتونية صادرة من جامعة حكومية، و15 ألف ريال لمثيلتها الصادرة من جامعة أهلية.
كما تفرض 10 آلاف ريال على شهادات الامتياز أو النسخ المترجمة، وترتفع إلى 15 ألف ريال للجامعات الأهلية، وبالنسبة لوثائق كل من السجل الأكاديمي ووثيقة التخرج وشهادة القيد والمفردات فتصل رسومها إلى 8 آلاف ريال للصادرة من جامعات حكومية و10 آلاف ريال للوثائق الصادرة من الجامعات الأهلية.
هذه الرسوم التي يتم تدوينها علناً في استمارات التصديق تشكّل عبئاً مالياً كبيراً على الطلبة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، خصوصاً القادمين من المحافظات البعيدة عن العاصمة المؤقتة عدن، الأمر الذي يضطرهم لتحمل تكاليف إضافية تتعلق بالإقامة والتنقل والانتظار لعدة أيام، رغم توفر الأنظمة الرقمية التي تختصر عملية المطابقة في دقائق.
تورط جهات نافذة
وحصلت وكالة خبر على وثائق وسندات قبض مالي تُظهر أن الرسوم المدوّنة رسمياً لا تتجاوز 50% من إجمالي المبالغ التي يتم تحصيلها فعلياً، ما يشير إلى وجود مبالغ موازية تُحصّل خارج إطار وزارة المالية.
وبحسب المستندات، تصل الفروق غير الموردة إلى ما بين 5 و7.5 آلاف ريال عن كل شهادة، و4 إلى 5 آلاف ريال عن بقية الوثائق، ما يرجّح تورط جهات نافذة تستنزف الطلبة تحت غطاء رسمي.
حسابات وشبكات خارجية
أكد مصدر مسؤول في الوزارة -فضّل عدم الكشف عن هويته- أن المبالغ التي تورد رسمياً للمالية هي فقط تلك المسجلة في سندات القبض الرسمية، فيما تُدار بقية الرسوم عبر حسابات وشبكات خارجية تتبع جهات نافذة داخل وخارج الوزارة.
وأضاف المصدر لوكالة خبر، أن رئاسة الوزراء ووزير التعليم العالي على دراية تامة بهذا الملف، واصفاً الأموال غير الموردة بأنها "مهولة وتتجاوز طاقة الطلبة، وتشكّل تهديداً لهيبة الدولة ومؤسساتها".
وأشار المصدر إلى أن نتائج هذه الممارسات لا تقف عند العبء الاقتصادي فحسب، بل تتعداه إلى إضعاف ثقة المجتمع بالدولة وتعزيز نفوذ جهات غير رسمية قد تستخدم الأموال للاستثمار أو تمويل كيانات غير خاضعة للرقابة.
كما شكا مواطنون ومكلفون بمتابعة معاملات أقاربهم من قيود تعسفية تفرضها الوزارة على من يتولى إجراءات التصديق نيابة عن الخريج أو الطالب في حال وجوده خارج عدن أو خارج البلاد، الأمر الذي يضاعف تعقيدات العملية ويزيد من معاناة الطلاب.
ويرى متابعون أن الإصلاح المالي والإداري داخل وزارة التعليم العالي بات ضرورة ملحّة، مطالبين بإعادة النظر في الرسوم، وتفعيل أنظمة الدفع الإلكتروني، وفرض الرقابة المالية الصارمة على جميع عمليات التحصيل والتحويل، بما يضمن التخفيف من معاناة الشباب وتحصين المؤسسات التعليمية من شبكات الفساد المستترة.