تقرير حقوقي: 50% من أطفال اليمن يعانون سوء تغذية حاداً وحرماناً متعدد الأبعاد
قالت منظمة سام للحقوق والحريات، في تقرير لها، إنّ اليوم العالمي للطفولة في اليمن لم يعد مناسبة رمزية للاحتفاء بالأطفال، بل تحول إلى محطة لمساءلة عقد كامل من حرب خلّفت جيلاً محاصراً بالجوع والنزوح والحرمان، مع تصاعد موجات الانتهاكات خلال عامي 2024 و2025 بصورة تهدد حياة الأطفال ومستقبلهم في آن واحد.
وأكد المنظمة، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، أن الطفولة في اليمن تقف اليوم في قلب المأساة الإنسانية الأعمق، حيث يعيش ملايين الأطفال حالة صراع يومي من أجل البقاء في ظل حرمان مستمر من الغذاء والدواء والتعليم والحماية، وتفكك مؤسسات الدولة، وتراجع شبكات الأمان الاجتماعي.
وذكرت المنظمة أن استمرار الحرب لأكثر من عشر سنوات حوّل حقوق الأطفال الأساسية إلى امتيازات نادرة، فيما يبقى الصمت الدولي واحداً من أبرز الفجوات الأخلاقية التي تسمح باستمرار الانتهاكات.
تشير تقارير منظمات دولية إلى أن اليمن يظلّ من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. فقد وثّقت هيومن رايتس ووتش حاجة 18.2 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية خلال 2024، بينهم ملايين الأطفال المتضررين من الهجمات على المدارس والمستشفيات، مع استمرار تجنيد أكثر من 4,000 طفل في القتال.
كما أفاد المجلس النرويجي للاجئين في مايو 2025 بأن نصف سكان اليمن يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بينهم 15 مليون امرأة وطفل، فيما يعاني 17.1 مليون شخص من نقص حاد في الغذاء، و4.5 مليون من النزوح الداخلي.
أوضحت اليونيسف أن 50% من أطفال اليمن دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية، بينهم 540 ألف طفل في حالة حادة وشديدة، إضافة إلى 1.4 مليون امرأة حامل ومرضعة.
وحذّرت منظمات دولية في أكتوبر 2025 من أن اليمن بات ثالث أكبر أزمة غذائية عالمياً، مع وجود 100 مديرية في حالة طوارئ تغذوية حرجة، وتوقع ارتفاع نسب سوء التغذية في الحديدة وتعز إلى 15–30% بنهاية العام.
كما توقعت الوثيقة وصول عدد المهددين بالجوع إلى 18 مليون شخص في أوائل 2026، بينهم 41 ألفاً على حافة المجاعة، في ظل انهيار التمويل وإغلاق آلاف المرافق العلاجية.
يحتاج 6.8 مليون طفل إلى دعم تعليمي عاجل، بينما يبقى 3.2 مليون طفل خارج المدرسة نهائياً، بينهم 1.6 مليون نازح ونصف مليون طفل من ذوي الإعاقة.
وتشير بيانات المجلس النرويجي للاجئين إلى أن 65% من المعلمين لا يتلقون رواتب، وأن المدارس تواجه اكتظاظاً وتهالكاً وغياباً للكتب والوسائل التعليمية، فيما تحوّلت آلاف المدارس إلى ثكنات أو أهداف عسكرية.
وأكدت سام أن تدمير أو إعادة استخدام 3,000 مدرسة خلال سبع سنوات يهدد بحرمان اليمن من جيل كامل متعلم.
وثّق تحالف ميثاق العدالة لليمن 283 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال بين فبراير 2023 وسبتمبر 2024، شملت القتل والتشويه والتجنيد والعنف الجنسي والاختطاف والهجمات على المرافق المدنية، ارتكبت منها جماعة الحوثي 84%.
كما رصدت سام أكثر من 30,000 انتهاك منذ 2014 وحتى منتصف 2020، بينها مقتل 5,700 طفل. وفي يوليو 2025 أعلنت منظمة أنقذوا الأطفال مقتل خمسة أطفال في تعز بسبب ذخائر غير منفجرة، ليرتفع عدد ضحايا الألغام خلال النصف الأول من العام إلى 40 طفلاً.
وتشير الأمم المتحدة إلى وقوع 79 حادث انفجار ألغام بين أغسطس 2023 ويوليو 2024، تسببت في سقوط 115 ضحية بين قتيل وجريح.
تُظهر دراسة 2024 حول الفقر متعدد الأبعاد أن نسب حرمان الأطفال تتجاوز 60–70% في الغذاء والمياه والتعليم والصحة والمسكن، فيما يعمل 15.9% من الأطفال، ويعمل 23.4% منهم في ظروف خطرة.
وتؤكد الدراسة أن الفقر يتقاطع مع التجنيد والتسرب المدرسي وزواج القاصرات، ليشكّل دائرة حرمان متداخلة تضرب أساس حياة الأطفال.
ووجهت منظمة سام نداءً يتضمن تسع مطالب عاجلة لحماية الطفولة أبرزها وقف الانتهاكات الجسيمة فوراً، وتحييد التعليم وإعادة تأهيل المدارس وصرف رواتب المعلمين.
كما طالبت بوقف تجنيد الأطفال وإعادة إدماج الضحايا ومعالجة الجوع عبر برامج مستدامة ودعم نقدي مباشر مع توسيع برامج الدعم النفسي والاجتماعي.
ودعت إلى تمويل عاجل لتسريع عمليات نزع الألغام وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون قيود، إضافة إلى إنشاء آلية دولية مستقلة للمساءلة وجمع الأدلة مع وضع حماية الطفل كمحور رئيس لأي عملية سلام مستقبلية.