ارتفاع جنوني في أسعار الغاز بعدن بعد إغلاق المحطات وقطع الطرقات في أبين ومأرب (تقرير)

بلغت أزمة مادة الغاز، التي باتت تُستخدم وقوداً أساسياً في الطهي المنزلي ومركبات النقل، ذروتها في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، بعد أن أنهت أسبوعها الثاني حتى يوم الأربعاء 10 ديسمبر، واقترابها من بدء الأسبوع الثالث، خصوصاً مع ارتفاع سعر الأسطوانة إلى 14 ألف ريال بنسبة زيادة تجاوزت 60%.

وأكد سكان محليون وسائقون لوكالة خبر، أن الأزمة، التي اندلعت بشكل مفاجئ يوم الاثنين 27 نوفمبر الماضي، فاقمت الوضع المعيشي والاقتصادي للمواطنين، وخلقت أزمة حادة داخل المنازل وفي حركة المواصلات بين مديريات عدن، ما تسبب بتعطيل الكثير من مصالح الأهالي.

وذكر السكان أن سعر الأسطوانة سعة 20 لتراً ارتفع في بعض المحطات التجارية إلى 14 ألف ريال، بعد أن كان يُباع بـ8500 ريال، وهي تسعيرة سبق أن فرضتها المحطات المخالِفة للتسعيرة الرسمية المحددة آنذاك من الشركة اليمنية للغاز بـ6500 ريال فقط.

وأفاد المواطنون والسائقون بأن بعض المحطات أغلقت أبوابها، فيما فتحت أخرى بشكل محدود، في محاولة لفرض التسعيرة الجديدة، وسط طوابير طويلة امتد انتظارها لساعات، بحجة نفاد المخزون.

غياب حكومي

وفي ظل غياب أي تدخل حكومي لمراقبة الأسعار أو إدارة الأزمة للتخفيف من حدتها على المواطنين، يلجأ كثير من السائقين إلى رفع أجور المواصلات داخل المديريات، بذريعة احتدام أزمة الغاز الذي بات يُستخدم كوقود بديل للبنزين لرخص ثمنه مقارنة بالأخير.

وذكر عدد من السائقين لوكالة خبر، أنهم يقضون ساعات طويلة في طوابير الانتظار أمام محطات بيع الغاز، إضافة إلى دفع كل سائق 500 ريال لأفراد الأمن الموجودين في المحطات بزعم تنظيم الطوابير، وهي مبالغ تضاف إلى خسائرهم التي تشمل الطعام والشراب خلال ساعات الانتظار، التي تمتد غالباً بين يوم ويومين.

ويرى السائقون أن هذه الخسائر تبرر لهم فرض تسعيرة جديدة لتمكينهم من تغطية ما يتكبدونه من نفقات للحصول على الغاز، إلا أن هذه الزيادة تواجه رفضاً واصطداماً مع المواطنين، رغم تمريرها من قبل كثير من السائقين، ما يشير إلى حالة غليان متوقعة قد تنفجر من أحد الجانبين، إما ضد السلطة المحلية والجهات الحكومية، أو بين السائقين والمواطنين.

قوى نفوذ.. وأزمات مفتعلة

مصادر محلية وحكومية كانت قد تحدثت عن قطاعات قبلية مسلحة في محافظتي أبين ومأرب، تسببت بمنع عبور ناقلات الغاز من مدينة مأرب، التي تغذي عدن وبقية المحافظات بالمادة، حيث نصب المسلحون منذ بداية نوفمبر وحتى 28 من الشهر نفسه خمس قطاعات مسلحة.

ورغم أن هذا العدد من القطاعات يُعد مؤشراً كارثياً يستوجب إجراءات عاجلة لإنهاء التمردات القبلية على القانون وتعطيل الخدمات العامة، ورغم تكرار هذه الحوادث بين فترة وأخرى، إلا أن الجهات الأمنية في وزارات الداخلية والدفاع والنفط لم تتخذ موقفاً حازماً، ما يثير العديد من التساؤلات.

وفي السياق، قال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية لوكالة خبر، إن قوى نافذة داخل الحكومة تقف وراء افتعال مثل هذه الأزمات لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الخدمات العامة للمواطنين، عبر محاولة كل طرف شيطنة الآخر.

وبينما حمّل المصدر وزارتي الداخلية والدفاع بشكل أساسي مسؤولية استمرار القطاعات المسلحة، أشار إلى أن إدارات الأمن في أبين ومأرب تشارك في المسؤولية، من خلال عدم مكاشفة الشارع بالجهة التي تقف خلف ديمومة هذه الأزمة، وعرقلة عبور ناقلات الغاز والنفط وغيرها.

وكان مصدر مسؤول في الشركة اليمنية للغاز قد كشف، مع بداية اندلاع الأزمة، عن قطاعات قبلية نصبها مسلحون في منطقة "الأحمر" بمحافظة أبين، ومنطقة "مَنْع" في محافظة مأرب يومي 27 و28 نوفمبر الماضي، أدت إلى إيقاف دخول وخروج ناقلات الغاز، ما تسبب باضطراب كبير في السوق، ودفع ملاك المحطات إلى استغلال الوضع وافتعال أزمة.

وذكر المصدر أن القبائل نفّذت ست قطاعات مسلحة استهدفت ناقلات الغاز خلال الفترة من 5 حتى 28 نوفمبر في محافظتي مأرب وأبين، وتوزعت في مناطق وادي حسان، مودية، دوفس، والأحمر في أبين، ومنطقة “مَنْع” في مأرب.

وأدّت هذه القطاعات إلى توقف إمدادات الغاز إلى محافظتي عدن ولحج، ما فاقم الأزمة ورفع معاناة المواطنين وأربك أعمالهم اليومية.