"الهروب إلى الموت".. تقرير حقوقي يكشف جحيم الهجرة عبر اليمن

كشف المركز الأمريكي للعدالة (ACJ)، في تقرير حقوقي حديث، عن تحوّل طريق الهجرة غير النظامية عبر ما يُعرف بـ"الطريق الشرقي" إلى واحدة من أخطر مسارات الهجرة في المنطقة، في ظل غياب شبه كامل للحماية القانونية وضعف التنسيق الإقليمي والدولي.

وأوضح التقرير، المعنون بـ"الهروب إلى الموت"، أن الطريق الشرقي لم يعد مجرد ممر عبور للمهاجرين، بل أصبح منظومة إجرامية منظمة تدر ملايين الدولارات سنوياً، مستفيدة من هشاشة المهاجرين القادمين أساساً من دول القرن الإفريقي، وسط عجز حكومات دول العبور عن تفكيك شبكات التهريب أو توفير الحد الأدنى من الحماية للضحايا.

وسلّط التقرير الضوء على اليمن كنقطة عبور رئيسة، مشيراً إلى تصاعد غير مسبوق في أعداد المهاجرين، حيث دخل البلاد نحو 77 ألف مهاجر خلال عام 2022، وارتفع العدد إلى 97 ألفًا في 2023، قبل أن يسجّل 81,342 مهاجراً في 2024، فيما تجاوز عدد الوافدين 37 ألف مهاجر خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 فقط، في بلد يرزح تحت وطأة الحرب ويعاني من انهيار قدرته الإنسانية والخدمية.

ووثّق التقرير 661 انتهاكاً حقوقياً خلال الفترة بين 2023 و2025، شملت الحرمان من المساعدات الإنسانية، وسوء المعاملة، والاختطاف، والاعتقال التعسفي، والاعتداءات الجسدية، والاستغلال، والتعذيب، والاغتصاب، والتجنيد القسري، إضافة إلى وفيات نتيجة الجوع والقتل المباشر.

وحدد التقرير المسؤوليات، محمّلاً شبكات التهريب 45 في المئة من إجمالي الانتهاكات، تليها مليشيا الحوثي بنسبة 35 في المئة، فيما توزعت النسبة المتبقية على أطراف أخرى مرتبطة بالنزاع المسلح وقوات محلية.

وحذّر التقرير من التداعيات الخطيرة لتراجع المساعدات الدولية، التي فاقمت الأوضاع الإنسانية للمهاجرين، وأجبرت نساءً وفتيات على الوقوع في دائرة الاستغلال الجنسي القسري مقابل الغذاء أو المأوى. 

وأشار إلى أن المهاجرين الإثيوبيين يشكّلون 89 في المئة من إجمالي المهاجرين العابرين عبر اليمن، مقابل 11 في المئة للصوماليين، مع تسجيل 585 حالة وفاة غرقاً خلال عام 2024 وحده أثناء محاولات العبور.

ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وحازمة لمكافحة شبكات الاتجار بالبشر، وتفعيل آليات حماية قانونية فعالة للمهاجرين، مطالباً مليشيا الحوثي بوقف تجنيد المهاجرين واحتجازهم في مرافق لا تتوافق مع المعايير الدولية. 

وحثّ حكومات دول القرن الإفريقي، ولا سيما إثيوبيا والصومال، على معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، وتعزيز التنسيق لإعادة مواطنيها المحتجزين، وتقديم الدعم للناجين.

وأشار التقرير إلى أن استمرار الصمت الدولي إزاء هذه الانتهاكات لا يعني سوى إطالة أمد المأساة ونزيف الأرواح على طريق لا يُنظر فيه إلى المهاجرين باعتبارهم أصحاب حقوق، مجدداً التزامه بمواصلة التوثيق والمناصرة القانونية ومساءلة جميع المتورطين.