شركات الذكاء الاصطناعي تتسابق نحو "تقنية التقطير" لخفض التكاليف بعد نجاح DeepSeek
صورة توضيحة تظهر شعارات تطبيقات Deepseek وChatGPT الذكاء الاصطناعي. 29 يناير 2025 - REUTERS
تتسابق شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى، بما في ذلك OpenAI ومايكروسوفت وMeta، لاعتماد تقنية تُعرف باسم "التقطير" في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أقل تكلفة وأكثر كفاءة، وذلك في أعقاب النجاح الذي حققته شركة DeepSeek الصينية باستخدام هذه التقنية. وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز"، فإن تقنية التقطير أصبحت محط أنظار الشركات العالمية بعد أن أثبتت فعاليتها في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي قوية باستخدام موارد أقل.
وأشار التقرير إلى أن DeepSeek استخدمت تقنية التقطير لبناء نماذج ذكاء اصطناعي تعتمد على أنظمة مفتوحة المصدر قدمتها شركتا Meta وAlibaba، مما أثار اهتمام المستثمرين وخبراء الصناعة. وأضاف أن هذا الإنجاز "هز الثقة" في ريادة وادي السيليكون في مجال الذكاء الاصطناعي، مما دفع مستثمري وول ستريت إلى سحب استثمارات بمليارات الدولارات من أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية.
كيف تعمل تقنية التقطير؟
تعتمد تقنية التقطير على استخدام نموذج لغوي ضخم يُعرف باسم "المُعلم"، والذي يقوم بتوليد الكلمة المحتملة التالية في الجملة. يقوم هذا النموذج الكبير بتوليد بيانات تُستخدم لتدريب نموذج أصغر يُعرف بـ"الطالب"، مما يسمح بنقل المعرفة والتنبؤات من النموذج الأكبر إلى النموذج الأصغر بسرعة وكفاءة. وبهذه الطريقة، يمكن للشركات تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أصغر حجماً وأقل تكلفة، مع الحفاظ على أداء قريب من النماذج الضخمة.
وقال أوليفييه جودمينت، رئيس قسم المنتجات في شركة OpenAI، إن "التقطير ساحر للغاية، فهو يعتمد على أخذ نموذج ذكي وضخم متطور واستخدامه لتعليم نموذج أصغر يتمتع بقدرات عالية في مهام محددة، وهو شديد الكفاءة من حيث التكلفة وسريع التنفيذ."
فوائد تقنية التقطير
تتيح تقنية التقطير للشركات والمطورين الاستفادة من إمكانات النماذج اللغوية الضخمة، مثل GPT-4 من OpenAI وGemini من جوجل وLlama من Meta، بتكلفة أقل بكثير. وتتطلب هذه النماذج الضخمة عادةً كميات هائلة من البيانات وقدرات حوسبية ضخمة لتطويرها وصيانتها، مما يجعل تكلفتها باهظة. ومع ذلك، فإن استخدام التقطير يسمح بتشغيل نماذج ذكاء اصطناعي على أجهزة مثل الحواسيب المحمولة والهواتف الذكية، مما يوسع نطاق استخدامها ويجعلها في متناول المزيد من المستخدمين.
تأثير DeepSeيك على الصناعة
أثار نجاح DeepSeek في استخدام تقنية التقطير اهتماماً واسعاً في قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث يعتقد الخبراء أن هذه التقنية ستكون ميزة تنافسية للشركات الناشئة التي تسعى لتطوير تطبيقات ذكاء اصطناعي بتكلفة منخفضة. ومع ذلك، أثارت DeepSeيك أيضاً بعض الجدل، حيث اتهمتها OpenAI بانتهاك شروط الخدمة من خلال استخدام نماذجها اللغوية الضخمة لتطوير نماذج منافسة. ولم تعلق DeepSeيك على هذه الاتهامات حتى الآن.
محدوديات تقنية التقطير
رغم الفوائد الكبيرة لتقنية التقطير، يرى الخبراء أن لها بعض المحدوديات. وقال أحمد عوض الله، الباحث في مايكروسوفت، إن هناك "مقايضة" في استخدام التقطير، حيث أن النماذج الأصغر قد تفقد بعض القدرات المتقدمة التي تتمتع بها النماذج الضخمة. على سبيل المثال، يمكن تصميم نموذج مقطر ليكون فعالاً جداً في مهام محددة مثل تلخيص رسائل البريد الإلكتروني، لكنه قد لا يكون بنفس الكفاءة في أداء مهام أخرى أكثر تعقيداً.
سباق التكنولوجيا بين الشركات الكبرى
تسعى شركات مثل مايكروسوفت، التي استثمرت نحو 14 مليار دولار في OpenAI، إلى استخدام تقنية التقطير لتطوير نماذج لغوية أصغر، مثل عائلة نماذج Phi. كما تعمل Meta على تعزيز استخدام تقنيات التقطير في نماذجها المفتوحة المصدر، مما يسمح لمطوري التطبيقات بالاستفادة من هذه التقنيات بتكلفة أقل.
ويبدو أن السباق نحو تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة وأقل تكلفة سيستمر، حيث تسعى الشركات إلى تعزيز قدراتها التنافسية في سوق الذكاء الاصطناعي سريع التطور. ومع تزايد الاعتماد على تقنية التقطير، قد نشهد تحولاً كبيراً في طريقة تطوير واستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب.