أسعار السلع ووجبات المطاعم تعود للارتفاع في عدن وسط غياب الرقابة
شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، خلال الأسبوعين الماضيين، موجة جديدة ومفاجئة من ارتفاع الأسعار شملت المواد الغذائية والاستهلاكية ووجبات المطاعم وقطاع الأدوية، وذلك بعد فترة قصيرة من التراجع النسبي الذي رافق تحسّن سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية أواخر يوليو الماضي.
وأثار هذا الارتفاع المفاجئ استياء المواطنين الذين يرون أن الأسواق باتت تعمل بعكس المنطق الاقتصادي.
وأعادت هذه الزيادات المفاجئة إلى الأذهان دوامة الغلاء التي أنهكت الأسر محدودة الدخل، في ظل صمت رسمي وعجز حكومي عن ضبط الأسواق أو فرض رقابة فعالة على الأسعار.
هدوء مؤقت
يؤكد مواطنون أن الانخفاض البسيط الذي شهدته الأسواق سابقاً لم يكن سوى “هدوء مؤقت” أعقبه ارتفاع تدريجي متواصل حتى عادت الأسعار إلى مستوياتها السابقة.
وخلال جولة ميدانية لمراسل وكالة خبر في عدد من أسواق مديريات عدن، أكد تجار ومواطنون أن أسعار اللحوم المجمدة والدواجن المستوردة ارتفعت مجدداً بنسبة تتراوح بين 15 و25% خلال أسبوعين، حيث زاد سعر عبوات الدجاج المجمد (700–800 جرام) بنحو 700 ريال، وارتفعت أسعار العبوات الكبيرة حتى 1000 ريال، في ظل غياب أي تسعيرة رسمية أو رقابة حكومية.
ولم يقتصر الارتفاع على السلع الغذائية فحسب، بل شمل أيضاً وجبات المطاعم التي رفعت أسعارها، خصوصاً المطاعم السياحية، بنسب تجاوزت 15% في بعض الوجبات، رغم تحسن سعر الصرف.
وأرجعت مصادر اقتصادية هذه التطورات إلى عشوائية التسعير وضعف الأجهزة الرقابية، ما فتح الباب أمام فوضى سعرية واستغلال المستهلكين.
موجة تضخمية جديدة
ولم تقتصر الشكاوى على قطاع السلع فحسب، بل امتدت إلى الأدوية والخدمات الطبية التي شهدت ارتفاعاً تراوح بين 10 و25%، رغم تحسن سعر العملة المحلية.
وأكدت المصادر أن استمرار الاضطراب في الأسواق يعمّق الأزمة المعيشية ويزيد الفجوة بين الدخل والإنفاق، مشيرةً إلى أن غياب التنسيق بين السلطات المحلية والحكومة المركزية وفقدان الرقابة الفاعلة مكّنا التجار من التلاعب بالأسعار دون رادع، محذرة من أن استمرار الفوضى قد يقود إلى موجة تضخمية جديدة تُفقد الريال اليمني مكاسبه الأخيرة.
وفي قطاع الصحة، أوضحت مصادر في وزارة الصحة أن تداخل الصلاحيات وضعف الرقابة على المستشفيات والصيدليات سمحا بانتشار الفوضى السعرية، ما أفقد المواطنين الثقة بقدرة الحكومة على حماية مصالحهم وضبط السوق.
ويشكو المواطنون من استنزاف دخلهم المحدود، إذ باتت كلفة المواصلات اليومية للعاملين وطلبة الجامعات تصل إلى نحو 1400 ريال، ولطلبة المدارس إلى 400 ريال كحد أدنى، في ظل ثبات الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة، الأمر الذي جعل كثيرين يعجزون عن تلبية احتياجاتهم الأساسية.
من جهتهم، يؤكد خبراء الاقتصاد أن ضعف المؤسسات الاقتصادية والرقابية وتعدد مراكز القرار داخل الحكومة يعطل أي جهود لضبط الأسعار أو استقرار السوق النقدية، ما ينذر بتراجع القوة الشرائية للمواطنين وانكماش النشاط التجاري وعودة السوق السوداء.
وفي ظل هذه الأوضاع المعيشية المتدهورة، يطالب المواطنون الحكومة بوضع آليات رقابة فعّالة لكبح جماح الأسعار، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية لحماية المستهلكين واستعادة الثقة بالعملة الوطنية، قبل أن تتسع الفجوة بين الواقع الاقتصادي ومعيشة الناس أكثر فأكثر.