تعز تحت قبضة النفوذ الحزبي.. دولة منهارة وشبكات فساد تبتلع المدينة (تقرير)
تُعد محافظة تعز، الواقعة في قلب المشهد اليمني المضطرب، نقطة محورية للصراعات السياسية والعسكرية، لكنها اليوم تقف شاهدة على تحول أخطر، إذ تحولت إلى نموذج صارخ للهيمنة الحزبية المتفردة، حيث أصبح حزب الإصلاح المهيمن نفوذاً والأوحد بطشاً في الاستحواذ والهيمنة على مفاصل الدولة، من مؤسسات أمنية وعسكرية ومدنية على حد سواء، ضارباً عرض الحائط بمفهوم الشراكة الوطنية والتوافق السياسي، ومسؤولية بناء الدولة، ومشروع استعادة الجمهورية.
هذا التفرد في السيطرة منح قيادات الحزب القدرة غير المحدودة على تشكيل شبكة نفوذ متشابكة ومعقدة، تجمع بخيوط متينة بين السلاح، والمال العام، والإدارة الرسمية والخاصة، في عملية إقصاء ممنهجة للقوى السياسية الأخرى والكفاءات المستقلة.
يغيب في هذا المشهد أي شعور بالمسؤولية تجاه بناء الدولة أو التخفيف من معاناة المواطنين الذين اكتوت حياتهم بنار الحصار والحرب المستعرة منذ سنوات.
لقد كشفت شهادات المواطنين، ومصادر محلية ودولية موثوقة، عن ممارسات غير قانونية وممنهجة انعكست بشكل مباشر ومأساوي على الحياة اليومية لسكان تعز، بدءاً من جرائم القتل والاغتيالات والاعتقالات وفرض الجبايات والإتاوات غير الرسمية، مروراً بالاستيلاء القسري على الممتلكات والمنازل، وصولاً إلى الانتهاكات الأمنية المستمرة، والفساد المالي والإداري الذي استنزف آخر ما تبقى من موارد مؤسسات الدولة الحيوية.
هذا المشهد المعقد في تعز يؤكد أن التحدي لم يعد مقتصراً على الصراع العسكري مع مليشيات الحوثي، بل أصبح يتمحور حول صراع داخلي على السلطة والمال أدى إلى تآكل مفهوم الدولة وغياب سيادة القانون.
اغتيال المشهري.. نقطة تحول
شهدت مدينة تعز خلال العام الجاري 2025م، تصاعداً غير مسبوق في موجة الانتهاكات وعمليات الاغتيال الممنهجة، وكانت حادثة اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين، افتهان المشهري، تمثل لحظة فارقة وكاشفة لعمق الأزمة. فالمشهري، التي كانت رمزاً للإدارة المدنية النزيهة والفعالة وسط فوضى الفساد، لم تكن مجرد ضحية لجريمة فردية، بل أضحى اغتيالها مؤشراً صارخاً على وجود خلل بنيوي عميق في النظام الأمني وغياب القدرة الحقيقية لمؤسسات الدولة على حماية رموز النزاهة والإدارة.
لقد أظهرت التحقيقات الأولية والمتابعات الميدانية تورط بعض القيادات الأمنية والعسكرية المحسوبة بشكل مباشر على حزب الإصلاح في عمليات اعتقال تعسفية، وتعذيب، وإخفاء قسري، في ممارسات تكشف عن وجود شبكة نفوذ غير رسمية وغير خاضعة للمساءلة، تعمل في الظل وخارج نطاق القانون والدولة.
هذه الشبكة تتحكم في مفاصل أجهزة الأمن بشكل مباشر، أو عبر ضغوط غير معلنة ومصالح مشتركة، مما يجعل الأجهزة الرسمية مجرد غطاء أو أداة تنفيذية لمصالح حزبية ضيقة.
وتؤكد المصادر الميدانية أن هذه العمليات تمت بتواطؤ صريح وتغطية شكلية من إدارة أمن المحافظة، التي لم تتخذ أي خطوات فعلية وذات مصداقية لوقف الانتهاكات، بل اكتفت بتوفير الغطاء الإجرائي الشكلي، الأمر الذي قوض ثقة المواطنين في المؤسسات الأمنية وجعلها تبدو كأداة في يد الأطراف المتنفذة بدلاً من أن تكون حامية للمدينة وسكانها.
يمثل هذا التدهور في الأداء الأمني دليلاً قاطعاً على تحول الأجهزة الأمنية في تعز إلى أداة تنفيذية لمصالح حزبية تتناقض صراحة مع مفهوم بناء الدولة وحماية الحقوق والحريات.
النفوذ العسكري الموازي.. اللواء 170 ومحور سالم كذراع تنفيذي للحزب
في موازاة هذا الخلل الأمني، يقف النفوذ العسكري الموازي كركيزة أساسية لتمكين الهيمنة الحزبية، ويُعد تحول اللواء 170 دفاع جوي إلى وحدة شبه مستقلة، تعمل عناصرها تحت قيادة المحور العسكري عبده فرحان المخلافي، بعيداً عن أي رقابة رسمية أو سلطة مركزية، أحد أبرز تجليات هذا النفوذ. هذا المحور العسكري المنفلت عن السيطرة لعب دوراً مركزياً وخطراً في إدارة النزاعات الداخلية وتنفيذ سياسات أمنية وعسكرية موازية، بما في ذلك تنفيذ عمليات اعتقال تعسفية، واستخدام القوة المفرطة خارج الأطر القانونية، وتخصيص وحداته لمراقبة مناطق حساسة واستراتيجية في المدينة لصالح الأجندة الحزبية.
تشير المعلومات الميدانية التي تم جمعها وتحليلها إلى أن اللواء 170 لم يعد وحدة عسكرية نظامية تتبع الحكومة الشرعية، بل أصبح أداة تنفيذية صريحة لأجندة حزبية واضحة المعالم، هدفها ترسيخ السيطرة المطلقة على الأرض والموارد.
ويُلاحَظ وجود مستوى عالٍ ومقلق من التنسيق الضمني والمباشر مع إدارة أمن المحافظة، التي لم تتوان عن توفير الغطاء الأمني اللازم للعمليات العسكرية والسياسية التي يقوم بها هذا المحور.
هذا التمكين العسكري الذي يتمتع به هذا المحور ساهم في خلق فجوة واضحة وخطيرة بين السلطة الرسمية الشكلية والنفوذ العسكري الفعلي والمسيطر على الأرض، ما أدى إلى اضطراب واسع النطاق في الوضع الأمني، وتزايد معدلات الجريمة، وتكريس حالة الفوضى الأمنية التي تعيشها المدينة.
محور الجبولي ونفوذ المخلافي المالي والمليشاوي
تتعدد أوجه السيطرة والنفوذ في تعز، حيث يمثل محور أبو بكر الجبولي شبكة نفوذ معقدة داخل تعز ومداخلها وما جاورها من المديريات التابعة لحكومة الشرعية، تعتمد بشكل أساسي على الجمع بين القوة العسكرية المنظمة والسيطرة المالية غير المشروعة. يستغل الجبولي المجاميع المسلحة المرتبطة به، والتي تعمل تحت إطار المحاور العسكرية التي يهيمن عليها حزب الإصلاح وعناصر الجيش الوطني فعلياً، لتنفيذ عمليات أمنية خارج نطاق القانون، بدءاً من الاعتقالات القسرية، مروراً بعمليات النهب والسلب المنظم، وصولاً إلى ممارسة التقطع على المسافرين في الطرقات، والاستيلاء على مساكن ومقار تجارية ومناطق استراتيجية في المدينة وخارجها.
هذا النفوذ الميداني جعل هذه المناطق تحت سيطرته المطلقة بعيداً عن أي رقابة رسمية أو سلطة قضائية. على الجانب الآخر، يُعد حمود سعيد المخلافي لاعباً اقتصادياً مهماً، مع توفر عصابات مسلحة تابعة له يزعم بأنها منضمة تحت الجيش الوطني ويطلق عليها المقاومة الشعبية وهي تتقاضي مرتباتها فعلاً من وزارة الدفاع كجنود ضمن الألوية العسكرية لكنها في الحقيقة تمارس أعمالاً وسلوكيات لا تقل جرماً من ممارسات مليشيات الحوثي، إضافة إلى توفر الدعم وذلك من خلال مؤسسات وجمعيات تقوم على تجميع التمويلات الدولية واستغلالها في مشاريع شابها غياب الشفافية والرقابة، وبعضها وصل إلى ملايين الدولارات، حيث تعمل كل العناصر التابعة له بالتنسيق مع المجاميع المسلحة المنفذة للعمليات.
وقد أظهرت الوثائق والتحقيقات الميدانية أن معظم أنشطة هذه الجماعات التي تعمل خارج نطاق الدولة تمت بتنسيق مدروس مع إدارة أمن المحافظة، ما عزز بشكل كبير وممنهج سيطرة حزب الإصلاح على مفاصل المدينة الحيوية، ومديرياتها وأرسى قواعد اقتصاد ظل يعتمد على القوة العسكرية في توليد الموارد والتحكم فيها.
الانتهاكات الحقوقية
توثق عدة تقارير حقوقية محلية ودولية موثوقة وقوع انتهاكات واسعة النطاق في مدينة تعز، ومديرياتها التابعة للحكومة الشرعية، وهي انتهاكات تشمل الاعتقالات خارج نطاق القانون، والتعذيب المروع والإخفاء القسري في سجون سرية لا تخضع لأي رقابة، بالإضافة إلى مصادرة منازل وممتلكات خاصة للمواطنين ونهبها، وفرض جبايات وإتاوات على التجار ووسائل النقل المختلفة، واقتحامات متكررة لمنازل ومقار تجارية دون سند قانوني.
هذه الانتهاكات لم تكن عشوائية، بل ارتكبتها مجاميع مسلحة مرتبطة بشكل مباشر بمحاور النفوذ لحزب الإصلاح، مع دور محوري وخطير لإدارة أمن المحافظة التي لم تتدخل لوقفها إلا بشكل شكلي يهدف للتغطية، أو بالتواطؤ المباشر مع الأطراف المنفذة.
وتؤكد شهادات السكان تعرض العشرات للاختطاف والتعذيب وفقدان ممتلكاتهم دون أي مساءلة حقيقية، ما يعكس نمطاً ممنهجاً للتحكم بالمدينة عبر بث الخوف وترويع السكان بعيداً عن دولة المؤسسات والقانون.
وتوضح هذه الانتهاكات أن الأمر يتجاوز الخلل الأمني إلى عملية إخضاع للمدينة عبر القوة المنظمة، تستهدف كل من يعارض أو يقف في طريق أجندة النفوذ الحزبي.
شبكة الجمعيات والتمويلات الدولية
على الصعيد الاقتصادي، تكشف التقارير الرقابية عن واحدة من أخطر ملفات الهيمنة الحزبية، وهو ملف الفساد المالي واستغلال التمويلات الدولية.
لقد كشف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن استحواذ الجمعيات المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بحزب الإصلاح على حصة الأسد من التمويلات الدولية والإنسانية، والتي تجاوزت 1.4 مليار دولار خلال خمس سنوات، وهي مبالغ ضخمة وُجّهت إلى مشاريع شابها التضخيم غير المبرر أو غياب كامل للرقابة والشفافية.
ومن أبرز هذه الجمعيات كانت جمعية الوصول الإنساني، التي كانت تعرف سابقاً باسم جمعية الإصلاح، حيث أعلنت عن مشاريع بميزانيات ضخمة لكن دون تقديم بيانات تنفيذ واضحة وموثقة، بالإضافة إلى مؤسسة حمود سعيد المخلافي، التي تشير التقارير إلى أن معظم تمويلاتها لم تصل إلى أبناء تعز المستحقين، ومؤسسة دروب النور، التي أنفقت أكثر من ثلاثة مليارات ريال بلا أي مستند رسمي يبرر هذه النفقات.
هذا العبث المالي الممنهج سمح للقيادات الحزبية الإخوانية بالتحكم في الموارد الاقتصادية للمدينة، مع ضعف متعمد في المراقبة من قبل مؤسسات الدولة الرقابية، وتضاعفت تأثيراته السلبية بشكل كارثي على حياة المواطنين وتدهور الخدمات الأساسية.
السيطرة على الموارد: نقاط الجبايات وخلق اقتصاد الظل
تتجسد الهيمنة الحزبية على الاقتصاد أيضاً في السيطرة المباشرة على الموارد المحلية عبر فرض الجبايات والإتاوات غير القانونية. فقد انتشرت نقاط جبايات غير رسمية في مداخل وشوارع تعز الرئيسة، أبرزها نقطة جولة القصر، حيث تُفرض رسوم غير قانونية ومبالغ فيها على المركبات والباصات وشاحنات النقل التجاري، وتذهب هذه الموارد مباشرة إلى جيوب المجاميع المسلحة التابعة لعناصر حزب الإصلاح، والتي تعمل تحت مسميات الجيش الوطني أو اللواء 170. يعكس هذا الواقع تعدد مستويات النفوذ والهيمنة على الموارد المالية للمدينة، ويؤكد خلق اقتصاد ظل يعتمد بشكل أساسي على القوة والتهديد لتوليد الموارد المالية، بدلاً من الاعتماد على مؤسسات الدولة التحصيلية الرسمية. هذا الوضع يثقل كاهل التجار والمواطنين ويدفعهم نحو حالة من الإحباط وفقدان الثقة في قدرة الدولة على حماية مصالحهم.
الاستيلاء على المنازل والممتلكات الخاصة
استمرت قيادات وعناصر الحزب في الاستحواذ القسري على المنازل والممتلكات الخاصة للمواطنين، خاصة في المناطق الحساسة والاستراتيجية من المدينة. هذه الممارسات لم تقتصر على منازل المعارضين السياسيين، بل امتدت لتشمل منازل المواطنين العاديين، والمغتربين والنازحين، مما خلق حالة من الاستقطاب والاحتقان الاجتماعي الشديد بين السكان.
وتوثق شهادات الشهود والمصادر المحلية وجهات حقوقية أن معظم هذه الاستيلاءات تمت بمشاركة مباشرة أو تغطية كاملة من إدارة أمن المحافظة، سواء عبر عدم التدخل لوقف الانتهاكات أو تقديم حماية مباشرة للمجاميع المنفذة لهذه الأنشطة.
هذا يعكس غياباً متعمداً لدور الدولة الفعلي في حماية حقوق المواطنين وممتلكاتهم الأساسية، ويؤكد أن القانون أصبح أداة في يد المتنفذين يتم تطويعه لخدمة مصالحهم الخاصة.
رفض الشراكة الوطنية
إن رفض حزب الإصلاح إشراك باقي القوى السياسية في إدارة مؤسسات الدولة، وسعيه المستمر لإفشال كل الإصلاحات التي تحاول السلطة المحلية في تعز تنفيذها، بالإضافة إلى الإقصاء الممنهج للكفاءات الإدارية والمهنية غير المحسوبة على الحزب، كل ذلك يمثل عملية إضعاف متعمدة للدولة.
لقد أدى تحويل مؤسسات الدولة إلى مجرد أدوات لتنفيذ أجندة حزبية بحتة إلى إضعاف قدرة الدولة على فرض القانون والرقابة، ووسع من مساحة النفوذ الميداني للممارسات الخارجة عن القانون التي يمارسها محاور النفوذ مثل الجبولي وسالم والألوية العسكرية التي تقع تحت هيمنة حزب الإصلاح. وكانت النتيجة المباشرة لهذا التفرد هو التراجع المريع في الخدمات العامة، وارتفاع معدلات الجريمة والفوضى الأمنية، وغياب الرقابة الفعلية على الأداء الحكومي، مما يعمق الأزمة الإنسانية والإدارية في كافة محافظة تعز التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
الدولة بين مؤسسات شكلية وقيادة حزبية مسيطرة
مع استمرار سيطرة حزب الإصلاح على مفاصل الأمن والجيش والإدارة المدنية، أصبحت مؤسسات الدولة في تعز مجرد واجهة شكلية فارغة من المحتوى، بينما القرارات الحقيقية والمصيرية تصدر بشكل حصري عن قيادات حزبية تعمل في الخفاء.
هذا الوضع أدى إلى تفشي الفساد الإداري والمالي على نطاق واسع، وانتشار السلاح خارج إطار القانون بشكل غير مسبوق، وارتفاع معدلات الجريمة، وغياب الرقابة الفعلية على الأداء الحكومي. في الوقت ذاته، تبقى إدارة أمن المحافظة متواطئة وشريكاً رئيساً مع المحاور الحزبية، ما يعكس تآكلاً متكاملاً في البنية التحتية لمؤسسات الدولة، ويجعل المواطن يعيش في ظل سلطة أمر واقع لا سلطة قانون.
التواطؤ مع الحوثي... تقويض للجبهة الجمهورية
تتجاوز تعقيدات المشهد في تعز الصراع الداخلي لتصل إلى تهم خطيرة بالتواطؤ غير المباشر مع الحوثيين. فقد أظهرت كثير من التقارير الصحفية والحقوقية لناشطين أن بعض القيادات الحزبية العسكرية لحزب الإصلاح تتعاون مع الحوثيين في ملفات محددة، تحديداً لاستغلال طرق التهريب والمصالح الاقتصادية المشتركة.
هذا التنسيق غير المعلن، إلى جانب استمرار إقصاء الكفاءات الوطنية المخلصة، يضعف الجبهة الجمهورية بشكل كبير، ويزيد من هشاشة إدارة تعز، ويجعل المواطن أكثر عرضة للضرر والاستغلال، بينما تستفيد القيادات المتنفذة من هذا الوضع على حساب القانون والعدالة والمصلحة الوطنية العليا.
المواطن.. بين مطرقة الانتهاك وسندان غياب الأمن
يعيش المواطن في تعز حالة من القلق والخوف المستمر، محاصراً بين الاعتقالات التعسفية التي لا تستند إلى قانون، والاستيلاء القسري على ممتلكاته، وفرض الجبايات المنهكة، والتراجع المريع في الخدمات الأساسية.
فكل مناحي الحياة اليومية، من المدارس والمستشفيات والأسواق وحتى المواصلات، تتأثر بشكل مباشر بالنفوذ المطلق للمحاور العسكرية الحزبية والمسلحة. وقد أكد شهود عيان أن بعض الانتهاكات تصل إلى حدود استهداف الأفراد بشكل شخصي بسبب مواقفهم السياسية أو انتماءاتهم الحزبية، ما يعكس مناخاً منظماً من الخوف والترويع يعيشه السكان يومياً، يحول دون أي شكل من أشكال التعبير أو المقاومة المدنية.
الطريق نحو استعادة الدولة
تعز اليوم مدينة سقطت تحت هيمنة حزبية منظمة، تتقاطع فيها خيوط النفوذ السياسي والعسكري والمالي بشكل متشابك، مع غياب فعلي ومقصود لمؤسسات الدولة، ويستمر المواطن في دفع الثمن الأكبر لهذه الفوضى الممنهجة.
إن استعادة تعز إلى مسار الدولة لا يمكن أن يتم إلا عبر خطة إصلاح شاملة ومساءلة حقيقية.
الحل يكمن في إعادة هيكلة شاملة وفورية لمؤسسات الدولة الأمنية والإدارية والمالية، وإخضاع جميع الوحدات العسكرية والمحاور المتنفذة، بما فيها اللواء 170 والجيش الوطني الفعلي الذي يعمل تحت النفوذ الحزبي، إلى سلطة مركزية موحدة وخاضعة للرقابة.
يجب مساءلة كل المتورطين في الجرائم والانتهاكات والفساد المالي والإداري دون استثناء، وفرض سيادة القانون بشكل مطلق على الأرض، وإعادة بناء ثقة السكان المنهارة في المؤسسات الرسمية.
إن المعالجة المطلوبة تتطلب جهوداً متعددة المستويات تشمل الأمن، القضاء، والإدارة، والرقابة المالية لمواجهة الاستغلال المنهجي لمؤسسات الدولة وضمان أن تعود المدينة مكاناً يحكمه القانون والعدالة وليس النفوذ الحزبي المتفرد.