الحوثيون يشعلون نزاعات الحدا ويعطلون القضاء وأوامر ضبط بلا تنفيذ (وثائق)

اعتمدت مليشيا الحوثي، منذ إحكام سيطرتها على مديرية الحدا بمحافظة ذمار، سياسة إذكاء الخلافات بين القبائل، مستغلة حالة "اللاصراع واللاسلم" منذ سنوات لتأجيج النزاعات وإشغال القبائل التي استعصت على إخضاعها. 

وتشير مصادر قبلية إلى أن الثارات والصراعات الناتجة عن ذلك خلّفت أكثر من 500 قتيل منذ عام 2019 في مديرية الحدا وحدها والتي تعد الأكثر ضحايا على مستوى مديريات المحافظة في النزاعات والثارات القبلية.

وكشفت مصادر قبلية ووثائق رسمية عن اتّباع مليشيا الحوثي سياسة منهجية لإبقاء مديرية الحدا بمحافظة ذمار في دوامة من النزاعات والثارات، عبر تغذية الخلافات وإضعاف الأعراف القبلية وعدم تنفيذ أوامر الضبط بهدف تأجيج نزاعات كثير منها امتدت لسنوات دون حلول.

وتبرز قضية النزاع على "مراهق أراضٍ" في قرية البردون نموذجًا لنمط إدارة الحوثيين للخلافات القبلية، حيث يستمر هذا النزاع منذ أربع سنوات بين ثلاثة أطراف: آل الفراصي من جهة، وبني عايض والدعدوع من جهة أخرى، وهي أراضٍ سبق أن كانت محل خلاف داخل آل الفراصي قبل ستة عقود.

وقال مصدر قبلي، إن المليشيا اكتفت بحبس أربعة من عقال آل الفراصي، فيما تركت الطرف الآخر دون ضبط أو محاسبة، رغم استمرار الاعتداءات وخروق الاتفاق السابق الذي نصّ على منع الاستحداث في موقع النزاع، ومنع عرقلة ملاك المنازل من استكمال أعمالهم.

وبحسب المصدر، فإن بعض أبناء بني عايض والدعدوع لم يلتزموا بالاتفاق، ما دفع مشايخ من الحدا للتدخل، رغم أن أطراف النزاع كانوا قد حلفوا اليمين أمام محافظ ذمار المعيّن من الحوثيين محمد البخيتي بعدم الاعتداء، مع التزام أمين قرية البردون عبدالكريم الديلمي برفع تقارير المعاينة لأي خرق، وهو ما حدث بالفعل دون أن يتم اتخاذ إجراءات.

وحصلت وكالة "خبر" على نسخة من تقرير معاينة أمين القرية الذي وثّق اعتداء أبناء الدعدوع على أشجار مملوكة لآل الفراصي، وعلى أوامر صادرة عن القيادي الحوثي محمد البخيتي ومدير أمن ذمار لضبط المعتدين، إلا أن القيادي الأمني في المليشيا علي ناصر داغف ومدير قسم 21 سبتمبر امتنعوا عن تنفيذ تلك التوجيهات.

كما حصلت الوكالة على توجيه آخر صادر عن مدير أمن الحدا المعيّن من الحوثيين إلى مدير قسم 21 سبتمبر، يطالبه بسرعة تنفيذ أوامر الضبط قائلاً: "لا فائدة من تردد الشاكي إلينا والإهمال منكم"، إلا أن التوجيه بقي دون تنفيذ.

كما قدم آل الفراصي شكوى إلى محكمة الحدا، ووجّه القاضي بإيصال المطلوبين إلى المحكمة، غير أن مكتب الشرطة التابع للمليشيا استلم التوجيه الأصلي دون تحرك، وسط استمرار الاعتداءات من إطلاق نار وتخريب وشق طرق وبناء جدران، في خرق مباشر لنصوص الاتفاقات السابقة.

قد يكون رسمًا توضيحيًا لـ ‏‏كعب تذكرة‏ و‏نص‏‏
قد يكون رسمًا توضيحيًا لـ ‏‏كعب تذكرة‏ و‏نص‏‏
قد يكون رسمًا توضيحيًا لـ ‏‏كعب تذكرة‏ و‏نص‏‏

ويرى مراقبون أن هذا التجاهل المتعمد يهدف إلى تأجيج النزاعات القبلية، بما يخدم سياسة "فرق تسد" التي تتبعها الجماعة لإضعاف القبائل وإشغالها بصراعات داخلية.

وأشار المراقبون إلى أن حل النزاع يتمثل في تصفية خروق الالتزام بعد حلف الأطراف لليمين أمام "محافظ ذمار" وشيوخ الحدا وقاضي محكمة الحدا، ثم أخذ أربعة أشخاص "شريعة" من كل طرف إلى قاضي المحكمة في زراجة لإعادة تثبيت التزام مضبط، ومن يثبت اختراقه أو تجاوزه يُستبعد ملف دعواه في ملكية الأرض نهائيًا.

وفي السياق، تشهد مديرية الحدا نمطًا مستمرًا من تعامل مليشيا الحوثي مع النزاعات، حيث تلجأ إلى حبس العقال والمشايخ عند وقوع أي مشكلة، بينما يُترك "الغاوون والمفسدون" طلقاء، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمات بدلاً من احتوائها.

وأكد ناشطون من أبناء الحدا أن حبس العقال والمشايخ ليس حلًا، بل يجب إلزام كل عاقل أو شيخ بضبط أصحابه، وإذا عجز عن ذلك، فعليه أن يرفع أسماء الغاوين منهم إلى الاجهزة الأمنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم.

قد يكون رسمًا توضيحيًا لـ ‏‏كعب تذكرة‏ و‏نص‏‏
قد يكون رسمًا توضيحيًا لـ ‏‏كعب تذكرة‏ و‏نص‏‏
قد يكون رسمًا توضيحيًا لـ ‏‏كعب تذكرة‏ و‏نص‏‏

ودعا ناشطون مليشيا الحوثي إلى مراجعة قرار محكمة الحدا الأخير بشأن اشتراط حصر الورثة والإعلان في الصحف لقبول الدعاوى، معتبرين أن هذا القرار مجحف ومعقد وغير واقعي يعطّل الوصول إلى القضاء، خاصة في النزاعات الممتدة لأكثر من مئة عام، التي قد يصل عدد ورثتها إلى المئات، الأمر الذي دفع المتنازعين للجوء إلى السلاح بدل القضاء، وخلق فراغًا قضائيًا خطيرًا أسهم في اتساع رقعة الفتن والقتل.

ويؤكد الناشطون أن إعادة النظر في هذه الإجراءات بات ضرورة لتمكين المواطنين من الوصول إلى حقوقهم عبر القضاء، والحد من توسع النزاعات والجرائم، مشيرين إلى أن أي حل جذري ينبغي أن يبدأ بضبط الخروق السابقة وفق الالتزامات الموثقة، وإعادة تفعيل دور القضاء بعيدًا عن تدخلات المليشيا.

قد تكون صورة ‏‏كعب تذكرة‏ و‏نص‏‏
قد تكون صورة ‏‏كعب تذكرة‏ و‏نص‏‏