بيانات قديمة تكشف حقائق جديدة عن كوكب الزهرة

بعد نحو خمسة وثلاثين عاماً من المهمة الفضائية "ماجلان" لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، تمكن علماء وباحثون من تقديم تحليل حديث لبيانات، وملاحظات هذه المهمة، يكشف عن حقائق جديدة حول كوكب الزهرة.

ويقول الباحثون، في دراسة نشرتها دورية "Nature Astronomy"، إن كوكب الزهرة قد يشهد نشاطاً بركانياً أكثر اتساعاً وانتشاراً؛ مما كان يُعتقد سابقاً، وأن هذا الكوكب ليس نشطاً جيولوجياً اليوم فحسب، بل إن هذا النشاط منتشر أيضاً على نطاق واسع.

ويعتقد الباحثون أنفسهم أن النشاط البركاني لكوكب الزهرة مشابه للنشاط البركاني على الأرض، مما يشير إلى مستوى أعلى من النشاط البركاني؛ مما كان يعتقد سابقاً.

سطح كوكب الزهرة

يعد اكتشاف الظواهر الجيولوجية على سطح كوكب الزهرة أمراً صعباً؛ بسبب غلافه الجوي السميك، والكثيف الذي يتكون بشكل أساسي من ثاني أكسيد الكربون، مع سحب من حامض الكبريتيك، مما يجعله أكثر سمكاً بنحو 90 مرة من الغلاف الجوي للأرض.

ويحجب ذلك الغلاف السطح عن عمليات رصد الضوء المرئي، إذ تعكس السحب السميكة المكونة من حمض الكبريتيك، والجسيمات الأخرى الضوء المرئي وتشتته، مما يجعل من المستحيل تقريباً على التلسكوبات الضوئية رؤية السطح.

بالإضافة إلى ذلك، فإن سطح كوكب الزهرة حار للغاية، حيث يبلغ متوسط درجات الحرارة حوالي 467 درجة مئوية، ويبلغ الضغط الجوي حوالي 92 مرة ضغط الأرض، مما يشكل تحديات كبيرة للمركبات الفضائية المصممة للهبوط، أو العمل على كوكب الزهرة.

وبسبب هذه العوائق، يعتمد العلماء على الخرائط الرادارية لدراسة سطح كوكب الزهرة، حيث يمكن لموجات الرادار أن تخترق الغلاف الجوي السميك، مما يسمح للمركبات الفضائية بإنشاء خرائط تفصيلية لسطح الكوكب.

وفي التسعينيات، كشفت الخرائط الرادارية للمركبة الفضائية "ماجلان" عن خصائص سطحية لكوكب الزهرة، يُعتقد أنها ناتجة عن النشاط البركاني، مع وجود العديد من آثار البراكين المنتشرة على سطح ذلك الكوكب.

وحلل الباحثون مجموعتين من بيانات ماجلان من عامي 1990 و1992، واكتشفوا تغيرات سطحية في منطقتين، الجانب الغربي لجبل سيف مونس، وغرب نيوبي بلانيتيا.

وتقع منطقة سيف مونس في النصف الشرقي من كوكب الزهرة، وترتفع حوالي 1.2 إلى 1.5 كيلومتر عن السهول المحيطة، وتتكون بشكل أساسي من تدفقات الحمم البركانية البازلتية، وتظهر الصور الواردة من "ماجلان" شكلاً مسطحاً وعريضاً نموذجياً للبراكين الدرعية مثل تلك الموجودة على الأرض.

ويتميز الجزء الغربي من منطقة نيوبي بلانيتيا، وهو سهل كبير ومنخفض على كوكب الزهرة، بتضاريس ناعمة ومسطحة تظهر عليها الخصائص الجيولوجية لتدفقات الحمم البركانية.

تطور الكواكب

وخلص الفريق إلى أن هذه التغييرات كانت على الأرجح ناجمة عن تدفقات الحمم البركانية الجديدة، وقيَّم الباحثون التأثيرات الجوية، مثل تأثير سحب حمض الكبريتيك، والخصائص السطحية لكوكب الزهرة مثل الكثبان الصغيرة، والانهيارات الأرضية.

ونظراً لحجم قطرات حمض الكبريتيك، والرياح الأفقية الضعيفة في سيف مونس، فمن غير المرجح أن تكون الظروف الجوية، أو الكثبان الدقيقة هي التي تسببت في الاختلافات المرصودة، كما أن التضاريس شبه المسطحة وغياب علامات الانهيارات الأرضية النموذجية استبعدت الانهيارات الأرضية.

وتتوافق الهياكل التي لوحظت، مع تدفقات الحمم البركانية، إذ تُظهر هذه الميزات خصائص جيومورفولوجية مشابهة لتدفقات الحمم البركانية الأرضية، وغيرها من الحمم البركانية على كوكب الزهرة، بما في ذلك الأنماط المتعرجة، والمحاذاة الاتجاهية مع المنحدر.

ويقول الباحثون إن النتائج تساعد على فهم تطور الكواكب، فكوكب الزهرة مشابه للأرض من حيث الحجم والتكوين، مما يجعله هدفاً قيّماً لعلم الكواكب المقارن، ويُمكن أن تساعد دراسة براكينه على فهم العمليات الجيولوجية التي شكلت كوكب الزهرة والأرض بمرور الوقت، مما يوفر نظرة ثاقبة لتطور الكواكب.