"هم لدينا وديعة فقط !! وتهمتهم التواصل مع منزل !!"
ذهبت صباح اليوم الأستاذة الفاضلة محامية السجينين منذ شهر بإدارة أمن سنحان، وهما: أخي عارف محمد قطران ونجله عبدالسلام عارف قطران، حاملةً توجيهات وكيل نيابة سنحان استنادًا إلى توجيهات رئيس نيابة محافظة صنعاء، عطفًا على أوامر النائب العام القاضية بإطلاق سراحهما أو إحالتهما إلى القضاء والعمل وفقًا للقانون.
لكنّ الرد جاء من الرائد محمد عبدالسلام، مندوب هيئة استخبارات الشرطة في إدارة أمن سنحان، كما تَرَوْن في الإفادة المحررة بخط يده في الصورة المرفقة، ونصها:
"بسم الله الرحمن الرحيم
المذكورين ليسوا محجوزين على ذمة امن سنحان وبني بهلول،وانما موقوفين على ذمة استخبارات الشرطة محافظة صنعاء ،وهذا مالزم الافادة به لكم وتقبلوا خالص تحياتنا..
(توقيع الرائد محمد عبدالسلام – مندوب استخبارات الشرطة، إدارة أمن سنحان)
وأضاف شفويًا للمحامية هم لدينا وديعة فقط، وتهمتهم التواصل مع منزل."
وعندما سئلته ماهي تهمتهم،اجاب بلهجةٍ استعلائية
"لا تخلونا نكشف المخبأ والمستور... تهمتهم التواصل مع منزل!"
فقالت له المحامية، بهدوءٍ قانونيٍّ رصين:
– طيّب، إذا كانت "التواصل مع منزل" جريمةً، وعندك ما يثبت، فحِلهم القضاء.
فأجاب بكل غطرسة:
– سأحيلهم للنيابة الجزائية عندما يكتمل الملف!
يا سلام سَلِّم...
نجل مؤسس الحركة علي حسين الحوثي أسس له جهاز قمعي جديد لملاحقة المفسبكين ومن يسمّونهم "المبقبقين"، أطلق عليه اسم "هيئة استخبارات الشرطة"!
جهاز يعتقل المواطنين، ويزجّ بهم في السجون دون أوامر قضائية، ثم يلفّق لهم تُهماً من طراز "التواصل مع منزل"!!
كنا قد ذهبنا إلى منزل قبل اربعة اشهر نقضي إجازة عيد الأضحى المبارك في ثغر اليمن الباسم عدن، وكان معنا ابن أخي عبدالسلام عارف، وهناك — في بلاد منزل — حرّضوا على قتلنا وإبادتنا أنا وجميع أفراد الأسرة.
لكن الأحرار والخيرين من أبناء الشعب تضامنوا معنا، وأفشلوا سحرهم وتحريضهم الإجرامي.
عدنا إلى بلاد مطلع، فإذا بهم يتربصون بنا ويختطفون أخي ونجله ويزجون بهما في غياهب السجون بتهمة:
"التواصل مع منزل!"
هناك في منزل كنا "حوثيين"!
وهنا في مطلع أصبحنا "مرتزقة وخونة وعملاء وطابور خامس"!
يا للمفارقة!
وللامانة في "منزل" ما زالت هناك رحمةٌ وحدٌّ أدنى من الحقوق والحريات واحترام الدستور والقانون، أما هنا فالقهرُ مطلٌ والغطرسة عدلٌ، ولا صوت يعلو فوق صوت الاستخبارات!
قبل أشهر، اعتقلوا في المهرة الشيخ الزايدي بتهمة "الحوثية" وهو مسافر إلى عُمان، فقط لأنه ظهر في مقابلات على قناة المسيرة! ورغم أنه قتل ضابط الحملة التي اعتقلته وجرح آخرين، أفرجت عنه سلطة عدن بعد تضامنا وتضامن كل الناس معه، بينما الجماعة هنا أقامت الدنيا ولم تُقعدها، وحشدت النَّكف القبلي وصرفت مائة مليون ريال على نكفٍ وصل صداه ومجاميعه إلى المهرة!
وبعد شهرٍ فقط خرج الزايدي من السجن واستُقبل في صنعاء استقبال الفاتحين!
والشيء نفسه حدث مع الوزير السابق بحكومة صنعاء هشام شرف، اعتقل في مطار عدن بتهمة الحوثية ،وأُفرج عنه بعد أسبوع، وامس الاول اعتقل بمطار عدن الطيار عباس المتوكل بتهمة الحوثية فتضامن معه الناس فتم اطلاقه اليوم بعد ضجة شعبية، والصحفي فتحي بن الأزرق سجن قبل شهر من الانتقالي و أفرجوا عنه بعد ساعات، وكذا الناشطون في عدن الذين يعتقلون يومًا ويخرجون في اليوم التالي بتضامن الناس.
أما هنا؟
فالسجون تزدحم بالمعتقلين — آخرهم معتقلو الذكرى الثالثة والستين لثورة 26 سبتمبر المجيدة — زُجّ بهم في الزنازين لأنهم فكروا فقط بالاحتفاء بذكرى الثورة!
مرّ شهرٌ وهم خلف القضبان، والسلطة هنا تمارس طقوسها القديمة: أذن من طين وأذن من عجين!
لا احترام لدستور ولا قانون ولا قضاء ولا حقوق إنسان.
عُجرُ وبُجرُ وغطرسةٌ وتعالٍ على المواطنين الغلابى الجوعى.
وكأن الناس قطيعُ أغنامٍ لا حقوق لهم ولا كرامة.
وها هي آخر البدع:
تهمةٌ جديدة تليق بعصرهم الحديدي:
"التواصل مع منزل!"
اطلبوا عمر... سترون العجب!
شلوا طرفتكم يا أهل اليمن، تضامنوا مع المظاليم قبل أن نصبح جميعًا "ودائع" في سجونهم...
ودائع بلا جرم، وبلا ذمة، وبلا وطن.
