قراءة اولية في قرار مجلس الأمن الأخير حول اليمن
قرار مجلس الأمن الأخير ليس مجرد تجديد عقوبات بل يحمل تحولا واضحا في طريقة تعامل المجتمع الدولي مع الحوثي ومع مستقبل المسار السياسي في اليمن.
اللافت في هذا القرار ليس محتواه فقط بل نبرة المجلس التي عادت لتقترب —ولو بشكل غير مباشر— من روح القرارات السابقة الصادرة تحت الفصل السابع وعلى رأسها القرار 2216 والقرار 2140.. فالمجلس يتحدث بحدّة غير معهودة في العامين الماضيين - مع وجود روسيا والصين- بعد أن كان خطابه يتجه نحو الليونة تحت وهم إشراك الحوثيين في التسوية...!
لكن الوقائع فرضت نفسها والقرار يعكس ذلك بوضوح:
1- إدانة شديدة للهجمات الحوثية عبر الحدود وفي البحر.
وهي عودة إلى توصيف الحوثيين كـجهة تهدد السلم والأمن الدوليين—وهو جوهر الفصل السابع الذي بُني عليه القرار 2216 الصادر في 2015..
وعندما يصف المجلس استهداف البنية التحتية والأهداف المدنية بأنه يجب أن “يتوقف فورا”فهو يرسل رسالة غير قابلة للتأويل:
الحوثي أصبح تهديدا إقليميا لا طرفا محليا...!
وذلك يعكس
*ضيقا دوليا متزايدا من الهجمات البحرية والصاروخية..
*رغبة في تهيئة الأرض لإجراءات أشد إذا استمر الحوثي بالتصعيد..
2- تجديد نظام العقوبات بموجب القرار 2140 لعام 2014
القرار 2140 كان جزءًا من منظومة العقوبات المرتبطة بالسلوك المعرقل للعملية السياسية..
تجديده الآن يعني أن المجتمع الدولي يرى أن الحوثيين لم ينتقلوا من خانة الفاعل المعرقل إلى أي مستوى من الالتزام السياسي...
بل إن استدامة العقوبات هي إعلان واضح:
الحوثي كيان لا يمكن الوثوق به، ولا يصلح شريكا في سلام مستدام..!
3- تمديد ولاية فريق الخبراء وتكليفه بملف المواد مزدوجة الاستخدام وطرق تهريب السلاح
هذا أخطر ما في القرار.
فريق الخبراء ربما لم يُكلف بهذه الدقة سابقا..
فضلا عن ان المجلس يقر ما ورد في التقرير الأخير بما تضمنه من فضائع وانتهاكات بحق النساء وتوصيف لأعمال تحالف مع منظمات إرهابية كالقاعدة وداعش والشباب الصومالي وتهريب الأسلحة ووو
كما ان الحديث عن المكونات مزدوجة الاستخدام—من إلكترونيات وطائرات مسيّرة ومحركات—هو اعتراف صريح بأن الحوثي أصبح جزءا من شبكة تسليح إيرانية عابرة للحدود..
والتقرير المطلوب بحلول أبريل 2026 قد يكون أساسا لإجراءات أعلى مستوى في المستقبل… وربما لتدابير أشد تحت باب تنفيذ العقوبات وتوسيعها..
4- دعوة الدول لمنع تزويد الحوثيين بالأسلحة مع دعم قدرات خفر السواحل اليمني.
هذه ليست توصية سياسية… بل إشارة إلى أن المجلس يرى أن تهريب السلاح عبر البحر هو مصدر القوة الحوثية وان هناك دول " ايران في المقام الأول " لم تلتزم بالقرارات حسب ما جاء في تقارير الخبراء من قبل وأن دعم خفر السواحل التابع للحكومة الشرعية أصبح جزءًا من استراتيجية تقويض القدرات الحوثية..
اللغة هنا تقترب جدا من لغة القرار 2216 التي تحظر تسليح الحوثي بشكل مطلق.
5- تأكيد عدم وجود حل عسكري والدعوة للعودة للمرجعيات
وهو أمر يرى فيه كثيرٌ من اليمنيين أضعاف للقرار واعادتنا الى رخاوة التعامل مع المليشيا وهو الثابت الوحيد الذي لم يتغير في رؤية البعض ..
لكن الفرق أن المجلس هنا لا يتحدث عن الحوار مع الحوثي بل عن استكمال الانتقال السياسي وفق مرجعيات حددها حصرا وهي مبادرة الخليج ومخرجات الحوار—وهي مرجعيات - طبعا تضاف إليها القرارات 2216 و 2140 تحت الفصل السابع التي تجئ في ديباجة ومقدمة كل قرار جديد - يرفضها الحوثي علنا كونها تسقط تلقائياً فكرة شرعنة الانقلاب..
ان تأكيد عدم وجود حل عسكري للصراع مرتبط بأن يكون الانتقال السياسي وفقا لمبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات الحوار الوطني
هذا البند يحمل دلالات اهمها :
= إسقاط مشروع الأمر الواقع الحوثي بشكل مباشر..
اي ان القرار يعيد التأكيد أن:
لا شرعية للانقلاب..
لا اعتراف بأي مؤسسات أنشأها الحوثي.
ان الحل السياسي يبدأ من الشرعية والانتقال السياسي وليس من صيغة الشراكة التي تفرضها المليشيا...
وهذه رسالة مختلفة للحوثيين الذين كانوا يروّجون أنهم أصبحوا سلطة أمر واقع..
وفي اسوء الاحتمال فإن المجلس يريد ان يقول :
أن الحوثيين يجب أن يعودوا كجزء من العملية - بعد الالتزام بالمرجعيات - لا كسلطة أمر واقع انقلبت بالحديد والنار.
الخلاصة :
القرار يعكس تحولات مهمة:
= نهاية مرحلة تدليل الحوثي التي بدأتها بعض الأطراف الدولية منذ 2019.
= عودة تدريجية للغة القرارات القديمة تحت الفصل السابع:
منع السلاح
اعتبار الحوثي تهديدا
يتبع 2