المرأة اليمنية.. قلب يقاوم الحرب ووجه يضيء الظلام
في اليمن، لا يُقاس الزمن بعدّ السنين، بل بعدد الوعكات التي مرّت على النساء. فكل يوم تعيشه امرأة يمنية هو امتحان جديد للقوة، للكرامة، وللقدرة على النجاة في وطن تتساقط فيه الحقوق كما تتساقط جدران البيوت المهدمة.
اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة ليس مناسبة عابرة بالنسبة للمرأة اليمنية، بل هو مرآة كاشفة لوجع طويل، يمتد من قلب البيوت الفقيرة إلى دهاليز الحرب، ومن صمت المؤسسات المنهارة إلى صرخات الضحايا التي غالباً ما تُدفن بلا محاسبة.
المرأة اليمنية ليست مجرد ضحية في مشهد العنف، بل هي مركزه ووقوده وبطله الأكثر صلابة.
تواجه العنف الأسري في ظل مجتمع تطغى عليه الأعراف، وتواجه العنف الاقتصادي حين تُترك وحيدة لإعالة أطفال بلا مصدر دخل، وتواجه العنف السياسي حين تُستبعد من القرار، وتواجه العنف المسلح حين تتحول حياتها إلى رحلة نزوح لا تنتهي.
ومع ذلك، تنهض.
تنهض كأنها خُلقت من مادة مقاومة لا تُكسر.
تنهض لتكون أماً وأباً وملاذاً.
تنهض لتعلّم أبناءها معنى النجاة رغم الدمار.
تنهض لتقول للعالم إن الحرب قد تسلب البيوت، لكنها لا تسلب الإرادة.
في المخيمات، نرى وجوهها وهي تصنع الخبز فوق حجارة ملتهبة كي لا ينام طفل جائع.
وفي المدن، نرى نساء يعملن حتى الإعياء ليتغلبن على اقتصاد مُنهار.
وفي القرى، نرى فتيات يتحدّين الجهل والحصار ليصلن إلى مدارس مهدّدة.
وفي السجون، نرى نساء يقاومن الظلم بأمل لا يموت.
العنف ضد المرأة في اليمن ليس مجرد حادثة، بل هو منظومة متشابكة من الحرب والفقر والتمييز والقهر.
لكنه أيضاً منظومة قابلة للكسر حين تتكلم الحقيقة، وحين تقف الصحافة بشجاعة، وحين يواجه المجتمع نفسه بلا تجميل.
رسالتي اليوم، كصحفي يمني عاش تفاصيل هذه المأساة وكتب عنها سنوات، أن العالم مدعو إلى الإصغاء لصوت المرأة اليمنية، ليس بدافع الشفقة، بل بدافع المسؤولية الإنسانية.
فهي ليست الهامش، بل المتن.
ليست الضعف، بل القوة. ليست طرفاً متضرراً، بل شريكاً أساسياً في إعادة بناء ما دمّرته البنادق، والصراع.
مع مرور اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، يليق بالإنسانية أن تنحني احتراماً لصمود المرأة اليمنية، وأن ترفع صوتها للمطالبة بحقها في الأمان، والعدالة، والتعليم، والمشاركة، والحياة بلا خوف.
المرأة اليمنية ليست فقط آخر خطوط الدفاع عن المجتمع، بل هي الضوء الذي يُبقي هذا الوطن واقفاً وسط الظلام.