قرار حوثي بفصل النساء في المواصلات العامة يواجه انتقادات واسعة

أثار قرارٌ جديدٌ للإدارة العامة لشرطة المرور التابعة لمليشيا الحوثي، يقضي بدراسة تخصيص باصات أجرة مخصّصة حصراً للنساء، موجةً من الانتقادات، في ظل اتهامات للمليشيا بمحاولة فرض نمط حياة متشدّد، وتكريس سياسة «الفصل النوعي» في الفضاء العام، وهو ما اعتبره مراقبون محاكاةً لأساليب جماعات دينية متطرّفة في إدارة الشؤون الاجتماعية.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مذكرةً صادرةً عن مدير عام المرور التابع لمليشيا الحوثي، بكيل البراشي، تضمّنت توجيهات بإعداد دراسة شاملة لتخصيص باصات أجرة لنقل النساء في أمانة العاصمة صنعاء، بحجة حماية النساء والحفاظ على خصوصيتهن وكرامتهن، وبما ينسجم – بحسب المذكرة – مع القيم الدينية والأخلاقية اليمنية.

وزعم البراشي أن هذا التوجّه يأتي استجابةً لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والأعراف والقيم اليمنية الأصيلة التي تضع للمرأة مكانةً رفيعة، وتوجب حمايتها واحترامها، كما يهدف – حدّ قوله – إلى منع أي مضايقات أو تصرّفات غير لائقة قد تتعرّض لها.

وبحسب المذكرة، فإن هذه «الخطوة تأتي من منطلق حرص وزارة الداخلية على معالجة الإشكاليات المجتمعية بأساليب عملية ومدروسة»، مشيرةً إلى أن «الدراسة ستتضمّن تحديد مواصفات الباصات، والعلامات المميّزة لها، واختيار السائقين المؤهّلين، وتحديد خطوط السير المناسبة»، وفق وصفها.

ولاقى هذا الإجراء موجةَ سخطٍ وانتقاداتٍ واسعة بين الناشطين والحقوقيين والإعلاميين على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكتب الصحفي وليد العَمْري: «اختلاطُ النساءِ بالرجالِ في الباصات أو المدارس أو الجامعات حرامٌ ولا يجوز، والعملُ في أقسامِ العائلات بالمطاعم يُعَدّ جريمةً لديهم، لكن عندما تُجبَر المرأة على التسوّل في الجولات والشوارع، أو تُساوِم وتُذِلّ نفسها من أجل سلةٍ غذائية أو للحصول على أسطوانة غاز، يُصوَّر ذلك جهاداً وأجراً عظيماً؛ هكذا يراها (المؤمنون) الذين يزعمون حرصهم على المرأة اليمنية».

بدوره قال الناشط إبراهيم دبّاء:«في بيت الله الكعبة، يحجّ الرجال والنساء معاً، لكن الحوثة – مثل الإخوان – عقلهم من تحت السُّرّة ومنزل».

وعلّق المواطن رائد شارب قائلاً:«أقترح استيراد كاميرات صغيرة تُوضَع فوق كرسي السائق والراكب الذي بجانبه فقط، وعند حدوث أي تحرّش يتم تقديم شكوى إلكترونية، والرجوع إلى التسجيل».

وأضاف ساخراً: «أصلاً نحن شعب شبعانين مفتهين، وبندور مقترحات وتطويرات».

أمّا المحامي عباس الهردي فقال:

«الوطن في عهدهم قُسِّم إلى شمال وجنوب، والموظفون قُسِّموا إلى فئات (أ، ب، ج)، والمرتّب قُسِّم إلى نصفٍ لنا ونصفٍ لهم، والباصات قُسِّمت إلى أرقام زوجية وفردية، وحتى اليمنيون الذين في صفّهم قُسِّموا إلى أحفاد بلال وأحفاد الكرّار، وخصومهم إلى أحفاد معاوية وأحفاد ابن ملجم. واليوم، حتى في المواصلات: الزوج كرجل في باص، والزوجة كامرأة في باص وحدها؛ هو من طريق وهي من طريق… مقادير يا قلب العناء، تقاسيم! وش ذنبي أنا؟».

من جانبه قال المحامي عبدالسلام المخلافي:

«أنا مع تشديد العقوبات على المتحرّشين في وسائل النقل العامة، والاقتداء بالدول التي تجعل من معاقبة المتحرّشين وسيلةً لردع السيئين عن مضايقة النساء، ولستُ مع فصل النساء عن الرجال في الفضاء العام؛ لأن الأصل هو احترام الخصوصيات والالتزام بالحدود، بينما الاستثناء هو المضايقة، وهي نادرة».

فيما يرى الناشط محمد خالد أن «فصل الرجال عن النساء يخلق حالةً من الكبت النفسي، ويؤدي غالباً إلى نتائج عكسية، تتمثّل في زيادة حالات التحرّش الجنسي وانتشار الجرائم الأخلاقية بعيداً عن أعين المجتمع».