صرخة من الزنزانة: أنقذوا عبدالسلام عارف قبل أن يموت من الجوع والبرد!

سجنٌ وجوعٌ وبردٌ ومرضٌ وخوف...

تلك ليست مقدّمة روايةٍ سوداوية، ولاكوميديا سوداء، بل مشهدٌ واقعيّ من قلب الجحيم.

أكتبُ إليكم وأنا أختنقُ بالعجز، وقلبي يقطر دماً على ابن أخي عبدالسلام عارف قطران، الشاب الفلاح البسيط الذي لم يتجاوز العشرين، تزوج قبل ستة أشهر فقط، فإذا به يُزجّ في ظلمات السجن كأنما اقترف جرائم حرب لا تغتفر!

قبل عشرة أيام، وصلتني رسائل قصيرة، إس إم إس، من ابن أخي عبدالرحمن عارف قطران، كلماتٌ مبللةٌ بالدمع، تُبكي الحجر وتُحرق القلب:

وسوف انشرها هنا للناس وردودي عليها (ابي قلي اكثر من 10 مرات اربا القاضي ما عيفعلنا وانا اجي اقلك وانت تفعل منشورات المنشور الاول منع علينا الزياره والمنشور الثاني حق التحدي زيدو التشديد عليهم من الصرفه هاذه اول مره يصيحو انهم جاوعين عبد السلام بيصيح من خلف الشباك انا جاوع ماعتفعلولي يصيح بصوت الجوع محبوس وكمان جاوع علا الاقل يشبع لعنه عليه دوله تحبسنا وتجوعنا في حبوسها قلي ابي اليوم اربا ابوك عبدالوهاب يشوف ابو جعفر ولا القحوم ولا يشوف ايحل المنشورات مابينفعنيش فقط بي شددو عليا )

فرديت عليه بمانصه (لا حول ولا قوة إلا بالله

هولاء قد انتزعت منهم الإنسانية والرحمة والدين

وكلما تذللنا إليهم كلما استغذوا فينا وزادوا عتوا ونفورا

كان من المفترض أن ابوك عارف يتصلب ولا يظهر لهم أي انكسار..

اما القحوم وغيره فلا يهشوا ولاينشوا ايش عملي وانا بسجن المخابرات سته اشهر..

ولانملك شيء الا العمل بحكمة الفيلسوف الايراني علي شريعتي "اذا لم اذا لم تستطيع رفع الظلم فااخبر الناس عنه" ،والكتابة ان لم تنفع لاتضر ..

الصمت والخنوع هو المضر..

و كل هدفهم من هذا هو كسر شوكة ابوك وتطويعه واذلاله

وعندما يشوفوه بيشكي يفتهنوا ويقولوا لأنفسهم أن مايفعلوه فيه بدأ يعطي ثمارة ويزدادوا أكثر

قله يقع رجال ويصمد ويشمخ لعنة الله على من عاش عيشة دنية)

ومع ذلك احترمت ارادة ورأي اخي عارف ونجله عبدالسلام

فتوقفت عن الكتابة والنشر بحسابي فيسبوك واكس لمدة عشرة ايام وقبل عدة ايام ،رسلي عبدالرحمن عارف رسايل اس ام اس هذا نصها

(اليوم24يوم وانا رايح جاي الوطن ماهوش فوق ظهري انا معاد فيني الذهاب الى سنحان

استطاعتي لاحد اليوم عدنا ضويت ظهر وغدوه دوري اشل القات

لكن معدني ذاهب القات كمل والسياره لايوجد والظروف ماتسمح جهدي كمل لليوم

يالعن ابوه وطن ومن يحكموه ما كلفني الله وانا اتعب هاذا التعب كله واناصعلوك احمدي لسياره باب الباب اسوق لهم قات ولا يوجد شي في يدي كم با يوصلوني الناس يوم يومين اليوم 25يوم انتهت الطاقه هم عندهم يكفوهم من قات من اكل وشرب وما يحتاجوه ولا اخرجوهم ولا خلوهم يموتو جوع..

الشباب من نوعي بيدرسو ويتعلمو ويعيشو حياتهم وانا بين اهم الوطن واهم ابي من فين ادبرله قات وسياره اسوق القات فوق هاذه عدني ماقد اكفيتش صرفه اوضاك ميت من الجوع هو واخي هاذا هو ابشع انواع الظلم كنني عبد عند الساده اسافر هاذا السفر لاجل اشوف ابي واخي وعادني اوصل اكثر الايام ويقولو ممنوع الدخول يقولون الكلمه هاذه براحه واستهزاء هم لم يحسوا كم قطعت من مسافات حتا وصلت الى السجن يعملونا معامله الحيوان وابشع واعظم..

لوتشوف غرفه اخي عبدالسلام لتجنن والله ان الحيوان مايقبل الجلوس فيها الحمام وسطها والاوساغ الغرفه مظلمه والرائحه القبيحه فيها غرفه صغيره جدا جدا والله انهو معذب اكبر عذاب في هاذك الغرفه والله ماصبرت الا دقيقه وضاع نفسي واني شفته اليوم كنهو دخل في العذاب النفسي

ثم طلعت الى الدور الثاني حق المشرفين مفروش حرير وفراش فاخر اليس هاذه هو الظلم والاستعباد والاهانه السنا بشر الدينا انسانيه الدينا كرامه؟ ان الله ليس بغافلن عما يفعل الظالمون ..

انت تقول قلهم يصمطو ابي يعني الغرفه مالها شي اما عبد السلام معذب اكبر عذاب يقول ان الشاوش منعهم من الضحك منعه من الخزان فهو الان اشوفه في،عذاب نفسي فاذا لم يسرعو بل افراج عنه سيجنن او يدخل في المرض النفسي انا زرته اليوم ماعدهو طبيعي )

فرديت عليه برسائل نصية هذا نصها

(انا لن انشر شيء لان ابوك قال الكتابة بتضره ،وعندما تزوره المرة القادمة تقله انك اخبرتني لااكتب ،وانا التزمت بما قاله وتوقفت عن الكتابة ،واسئله اذا كانت تحسنت معاملتهم له ،سوف نستمر بالتوقف ،ومالم تتحسن المعاملة فاسااعود للكتابة..)

ومنذ ثلاثة ايام كل من زارهم  للسجن يبلغني تدهور حالتهم سيما الولد عبدالسلام ،يصيح ويليح حد انه اجهش قبل يومين بالبكاء من وسط زنزانته ،من شدة البرد والجوع وسوء المعاملة ،ويطلب ممن زاره ان ينقلوا لي تدهور حالته الصحيه وان البرد والجوع يفتك به ويطلب مني ان اكتب ولااسكت عن معناتهم ..

فعدت للكتابة والتضامن معهم منذ يومين ..

وكل يوم يتصل شاوش السجن الى تلفون الولد محمد ،اخرها عصر اليوم يقله رسلوا للمساجين فلوس مابش معاهم قات مابش معاهم صرفة ..

فااخذت الهاتف الخلوي من يد الولد محمد ورديت عليه عصر اليوم قلت له مابش معاهم بالبيت مايأكلوا واتت تمكنا رسلوا صرفة ،قد تلجبوا ديون لوما ارقوا ماء وجوههم وهم يدبروا صرفة للمساجين وكل اسبوع يتلجوا يدبروا لهم خمسين الف ريال ،ويقطعوا مراحل من همدان الى سنحان يزوروهم ويدخلوا لهم قات..

حبستم الناس، فاكفوهم قوتهم ودفأهم!

صرفوا عليهم، إن كنتم دولةً لا عصابة!

ردّ عليّ بغضب، وقال: "ما دخلني!" ثم أغلق الهاتف في وجهي.

وبعد ظهر اليوم ، اتصلت بي والدتي حفظها الله،وهي حزينة مقهورة تخبرني أن الولد عبدالسلام مريض، وقد التهبت الزائدةُ الدودية من شدة البرد، فااتصلوا من السجن لخاله ،فدخل من همدان الى سنحان وضمن على بزيه عبدالسلام وأسعفه مساء امس إلى المستشفى، وهناك اعطوه ادوية وقال الأطباء:

"لابد أن يُحفظ في مكانٍ دافئ، فالزائدة مهددة بالانفجار، ويحتاج إلى عملية عاجلة إن عاد إليه البرد!"

لكنهم أعادوه إلى زنزانته المظلمة الباردة الكئيبة!

لا بطانية تدفئه، لا طعام يشبعه، ولا رحمة تحنو عليه.

أي قسوةٍ هذه؟

أي دولةٍ تلك التي تسجنُ الفلاحين الجياع وتتركهم يموتون في عتمة الزنازين؟

أي ضميرٍ ينام مطمئنًا وهناك شابٌّ يصرخ من خلف الحديد: “أنا جائع!”؟

يا جماعة الخير، بالله عليكم،

عبدالسلام ليس صهيونيًا ولا مجرمَ حرب، إنه شابٌ بسيط، مظلوم، يتعذب كل يوم من الجوع والبرد والمرض.

قبل أسابيع، تدهورت حالة الأخ جميل شريان، فأسعفتموه وأفرجتم عنه تقديرًا لوضعه الصحي، وحسنًا فعلتم.

فلماذا لا تُعاملون عبدالسلام بالإنسانية نفسها؟

هل تنتظرون أن يموت في الزنزانة لتُفرجوا عن جثته؟

وأتساءل: هل شبعَت ضمائرُ القائمين على هذه السجون؟ لماذا يعذِّبَ الناسُ كما يُعذبُ الحيوان؟ لماذا تُدللونَ البعضَ على فراشِ حريرٍ وتتركونَ شابًا في ظلامٍ ووحشة؟!

أُناشدُ أهلَ الخيرِ والضمائر الحيّة:

أوقفوا هذا العبث! أطالب الجهاتَ المسؤولةَ بإنصافٍ إنساني فورًا: افرجوا عن عبدالسلام،ووفروا الان طعامٌ، تدفئة، بطانياتٌ، رعايةٌ طبيةٌ حقيقية، تليق بآدميته ،وفتحُ تحقيقٍ شفافٍ في شروطِ احتجازِهم. لا نريد بطولاتٍ بل حقًا بسيطًا: أن يعيشَ ابنُنا بكرامته وبصحته.

أوقفوا هذا العذاب المهين قبل أن يُكتب عليكم عارًا أبديًا.

وأُوجّهُ كلامي أيضًا إلى القابعينَ وراءَ الأبواب المغلقة: تذكّروا قدرةَ الله؛ فالعزةُ بالحقِ لا بالظلم. لا تتكبروا على الناس الغلابى لتطغوا عليهم، فقد يكون مصيرُ الظالمِ أن يُعَرّى يومًا أمام تاريخٍ لن يرحمَه.

يا من تملكون القرار، تذكّروا قدرة الله حين تبطشون بقدرتكم،

ولا تأخذكم العزة بالإثم، فكل من فوق التراب تراب،

وإن دعوة المظلوم تصعد إلى السماء لا يردّها حجاب.

 إذا دعتكم قدرتكم على ظلم الناس، فتذكروا قدرة الله عليكم.

وأُختمُ بنداءٍ إلى كلّ من يقرأ: شاركوا المنشور، بلغوا منظماتِ حقوقِ الإنسان، الصحافةَ الحرة، وكلَ من يولي إنسانيةً فوق المصالح. لا تتركوهم هم وجميع السجناء المظلومين وحيدين في ظلمةِ السجون، فكلُّ صمتٍ يواطئُ على الجور.

والله المستعان.